أقول: ليس من عادة السيوطي في الجامع أن يشير إلى اختلاف الألفاظ وهذا ظاهر لكل من تصفح الكتاب ونظر إلى تخريجه للأحاديث التي خرجها جمع من العلماء وللحديث ألفاظ وهذا ظاهر أيضا، وكونه ابتدأ بأحمد ثم مسلم هذه طريقة يفعلها جمع من العلماء يبدؤون بالأكبر فأحمد من شيوخ مسلم، وبعض العلماء يقدمون الصحيح لمكانته، والأمر، واسع.
ثم قلتَ: الحديث لم يذكره الهيثمي في كتابه " المقصد العلي زوائد المسند مع أن اللفظة زائدة على مسلم ومن تأمل كتابه يرى أنه يأتي أحيانا بالألفاظ الزائدة.
أقول: المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي فلا شأن له هنا!، ولو فرضنا جدلا أنه له فلا دلالة لأنك قلتَ: ومن تأمل كتابه يرى أنه يأتي أحيانا بالألفاظ الزائدة.
فأقول: اجعل هذه المرة من الأحايين التي لا يأتي فيها بالألفاظ الزائدة.
قلتَ: - لم يذكرها الحافظ ابن حجر في إتحاف المهرة بعد عزوه لأحمد بل ذكر الحديث بدونها.
أقول: الحافظ ابن حجر كتابه في الأطراف يعني التركيز على الأسانيد ولذا في الغالب أنه يكتفي ببعض المتن، وإن شئت فقلب صفحات الكتاب، وأيضا ابن حجر ذكر الحديث وساق إسناده عند أبي عوانة ـ وكتابه مستخرج على مسلم ـ ثم بعد أن ساق الإسناد والمتن قال: رواه أحمد ثنا يحيى .. فظاهر صنيعه أن السياق لأبي عوانة، ثم هو أيضا لا يعتني في كتابه هذا بتحرير الألفاظ.
فهذه كما ترى ليست بحجج يشكك فيها بثبوت أو نفي، وأنا أبين لك أن العلماء في الغالب لا يدققون في الفروق
بين الألفاظ بل يعتمدون لفظا و يشيرون لمن أخرجه، وكثير من العلماء أيضا يعتمد على حفظه في سياق الأحاديث، وفي بعض الأحيان لا يرجع العالم إلى المصدر الأصلي بل ينقلون من بعض وهذا كثير خصوصا عند الفقهاء،
وإليك بعض النماذج:
1 - قال المنذري في الترغيب والترهيب رقم 4475
وعن صفية بنت أبي عبيد عن بعض أزواج النبي صلى الله عيه وسلم قال:" من أتى عرافا فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوما " رواه مسلم.
2 - وقال النووي في رياض الصالحين ص 380
وعن صفية بنت أبي عبيد عن بعض أزواج النبي صلى الله عيه وسلم ورضي الله عنها عن النبي صلى الله عيه وسلم قال:" من أتى عرافا فسأله عن شىء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوما". رواه مسلم.
3 - وقال الذهبي في الكبائر، الكبيرة السادسة والأربعون
... وقال رسول الله صلى الله عيه وسلم:"من أتى عرافا فصدقه بما يقول لم تقبل له صلاة أربعين يوما" رواه مسلم. 4و5و6 - وقال ابن كثير في التفسير 1/ 145 وفي الصحيح من أتى عرافا أو كاهنا فقد كفر بما أنزل على محمد، ومثله تماما عند العيني في عمدة القاري 14/ 63 وقال الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد ـ تيسير ص 406ـ .. من أتى عرافا
فسأله عن شئ فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوما" رواه مسلم. ثم تعقبه حفيده الشارح فليراجع.
فانظر هولاء العلماء ساقوا رواية مسلم وذكروا فيها " فصدقه " واعتمدوا على الحفظ وهذا ظاهر جدا في صنيع ابن كثير والعيني،
وأزيدك على ما ذكرت أن ابن تيمية في الفتاوى 35/ 193 وشارح الطحاوية أيضا قالوا:
روى أحمد ومسلم فى الصحيح عن صفية بنت عبيد عن بعض أزواج النبى صلى الله عليه وسلم عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال" من أتى عرافا فسأله عن شىء لم تقبل له صلاة أربعين يوما". والكلام فيه كالكلام السابق،وقد ذكره ابن تيمية في هذه المواضع:
مجموع الفتاوى 19/ 62 و35/ 173 والفتاوى الكبرى 1/ 391 وعزاه إلى مسلم فقط.
ثم قلتَ: أين أهل العلم في القرن التاسع والثامن والسابع وما قبلها من القرون فلم أجد أحدا ذكره مع أهميته فقد قلبت كثيرا من الكتب ما وجدته بهذا اللفظ وخاصة كتب الشيخين شيخ الإسلام وابن القيم.
أقول: الحديث ذكره الحافظ ابن كثير في جامع المسانيد 16/ 656 حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد حدثني
نافع عن صفية وهي بنت أبي عبيد عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قال من أتى عرافا فصدقه بما يقول لم يقبل له صلاة أربعين يوما ".
فكر هذه الفظة ـ فصدقه ـ فهذا دليل زائد على أن اللفظة من المسند ..
والمسند الذي حقق في مؤسسة الرسالة بعناية فائقة وعلى مخطوطات عدة قد بينوا ما اعتمدوه في مواضع مما يهمنا ما ذكر في بداية المجلد رقم 26 و 35 قد ذكرت فيه اللفظة في الموضعين.
¥