(إذا قام عند الناقد من الأدلة ما غلب على ظنه معه بطلان نسبة الخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقد يقول: باطل أو موضوع.
وكلا اللفظين يقتضي أن الخبر مكذوب عمداً أو خطأً، إلا أن المتبادر من الثاني الكذب عمداً غير أن هذا المتبادر لم يلتفت إليه جامعوا كتب الموضوعات، بل يوردون فيها ما يرون قيام الدليل على بطلانه، وإن كان الظاهر عدم التعمد.
وقد تتوفر الأدلة على البطلان مع أن الراوي الذي يُصرِّح الناقد بإعلال الخبر به لم يُتهم بتعمد الكذب، بل قد يكون صدوقاً فاضلاً، ولكن يرى الناقد أنه غَلِطَ أو أُدخِل عليه الحديث).
5_ قولهم (لا يصح) أو (لم يصح).
قال الزركشي في النكت (2/ 282): (وبين قولنا (لم يصح) وقولنا (موضوع) بون كبير، فإن الوضع إثبات الكذب والاختلاق، وقولنا (لا يصح) لا يلزم منه إثبات العدم، وإنما هو إخبار عن عدم الثبوت، وفرق بين الأمرين).
6_ قولهم (ساقط مطروح).
قال الذهبي في الموقظة في مبحث الموضوع (36): (ومنه (أي من الموضوع) ما الأكثرون على أنه موضوع، والآخرون يقولون: هو حديث ساقط مطروح، ولا نجسُر أن نسميه موضوعاً).
7_ قولهم (معضل) وهو بمعنى شديد الضعف.
وقد نبه إليه الحافظ ابن حجر في نكته (2/ 575) فإنه قال:
(قلت: وجدت التعبير بالمعضل في كلام الجماعة من أئمة الحديث فيما لم يسقط منه شيء البتة .. ثم نقل أمثلة على ذلك (عن الذهلي والنسائي وابن عدي والحاكم أبي أحمد وابن عبدالبر وأبي الفتح الأزدي).
ثم قال:فإذا تقرر هذا فإما أن يكونوا يطلقون المعضل لمعنيين، أو يكون المعضل الذي عرف به المصنف (أي ابن الصلاح) وهو المتعلق بالإسناد بفتح الضاد، وهذا الذي نقلناه من كلام هؤلاء الأئمة بكسر الضاد ويعنون به المستغلق الشديد، وفي الجملة فالتنبيه على ذلك كان متعيناً).
قلت: وقد أكثر من استخدام هذا التعبير ابن عدي في كتابه الكامل، وابن حبان في المجروحين، ووجد في كلام غيرهم من الأئمة.
وهناك ألفاظ أخرى يطلقونها على الحديث الذي لا يصح نسبته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أنها أقل من سابقتها، وفيما مضى كفاية، والله أعلم.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[08 - 06 - 03, 01:04 ص]ـ
أخي الفاضل ابن معين وفقه الله
لقد مزجت في مقالتك هذه -على غير عادتك- بين أقوال المتأخرين وأقوال المتقدمين. وكنت أظن كلامك سيكون على الأئمة المتقدمين فحسب. على أي حال فلي ملاحظة على كلامك:
ألا يمكننا تصنيف الحديث إلى قسمين: قسم قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقسم لم يقله؟
فإن وافقتني، فهذا يعني أن غالب هذه التقسيمات لا طائل كبير منها. وقد كان المتقدمون يستخدموها في معنى واحد. فالحديث الساقط والحديث الموضوع معناه واحد وهو الحديث الذي لم يحدّث به عليه السلام. أما مزاعم العراقي بأن قول المتقدمين "لا يصح" لا يعني ضعف الحديث، وأن تفرد الكذاب بحديث لا يدل على وضعه، فهذا كله من شطط المتأخرين. والله المستعان.
ـ[ابن معين]ــــــــ[08 - 06 - 03, 12:20 م]ـ
أخي الفاضل محمد الأمين .. وفقه الله لكل خير.
أولاً: ذكرت أنك تريد أن تجعل كل ما لم يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم في قسم واحد، ولا أدري كيف خفي عليك الفرق بين ثبوت الحديث الضعيف والموضوع!
فالحديث الضعيف لا نجزم بعدم ثبوته بخلاف الحديث الموضوع!
فكيف تريد أن نجعل الجميع في قسم واحد وتحت حكم واحد، وهي متفاوتة في غلبة ظننا بعدم ثبوتها!
ثم تقول هذه التقسيمات لا طائل تحتها!!
ورحم الله الإمام الشافعي حين قال: (من تعلم علماً فليدقق، لكيلا يضيع دقيق العلم!).
ثانياً: قولك أن العراقي زعم (أن قول المتقدمين (لا يصح) لا يعني ضعف الحديث)، لم أذكره! بل لم أجده عنه!!
نعم قال بهذا القول بعض المحدثين الأحناف المتأخرين، وهو قول بعيد، ولذا لم أذكره، فما مناسبة ذكرك له؟!
وإنما الذي ذكرته هو قول الزركشي، وهو أن هذا اللفظ يفيد الضعف لا الوضع، وهو صحيح بقيد (غالباً) لمن تأمل كلام الأئمة المتقدمين والمتأخرين (إلا ابن الجوزي في الموضوعات)!
ثالثاً: استنكرت على العراقي قوله (لا يلزم من وجود كذاب في السند أن يكون الحديث موضوعاً) ويبدو أنك استعجلت ولم تفهم مراده!
فهو يريد أن وجود الراوي الكذاب في إسناد حديث ما (دون أي قرينة أخرى) لا يمكننا أن نجزم معه بوضع الحديث، ولهذا استثنى بعد ذلك من هذا الإطلاق بقوله إلا .. الخ، وقصد حينئذ إذا وجدت القرائن التي سينبه إليها فإنه يمكن الحكم على الحديث بالوضع (أما بدونها فلا).
وأخيراً: هل إذا ذكرت كلاماً لأحد أئمة المتأخرين (وهو حق) أكون مزجت كلام المتقدمين بالمتأخرين؟!
أم لا بد لمن يدعو إلى منهج المتقدمين ألا يذكر كلاماً البتة لأحد من المتأخرين وإن كان حقاً؟!
¥