تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[هل الأخذ بحديث الآحاد اتباع للظن؟!]

ـ[الحارثي]ــــــــ[18 - 08 - 03, 10:30 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وبعد:

فهذه شبهة خطيرة يطرحها أعداء السنة والمنهج لتنفير الناس من اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وهي زعمهم ان الأخذ بأحاديث الآحاد هو عين اتباع الظن الذي نهى الله تعالى عنه ونعى على المشركين اتباعه.

وسوف أحاول الرد بإيجاز على هذه الشبهة الخطيرة وأسأل الله تعالى أن ييسر لي الكتابة فيها بشيء من التفصيل.

ولو سالنا هؤلاء ما هو وجه الشبه بين أخذنا بأحاديث الآحاد وبين اعتقادات المشركين الخرافية، فإنهم لن يجيبونا لأنه لا جواب لديهم لأنهم هم من يتكلم بالظن.

إن الظن الذي نعاه الله تعالى على المشركين ياهؤلاء هو الخرص والتخمين والقول بغير علم. فهل نحن المسلمين كذلك؟

هل نتكلم بغير علم عندما نتحدث بأمر جاء في حديث آحاد؟

لأضرب مثالاً على ما أقول فنحن المسلمين نؤمن بأن الملائكة خلقت من نور. وقد كان المشركون يزعمون أن الملائكة إناث (أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون).

فهل يقول هؤلاء الظالمون بأنه لا فرق بيننا وبين المشركين في اعتقادنا في الملائكة؟

نعم كلانا لم ير الملائكة ولم يشهد خلقهم ولكن هل تكلمنا نحن المسلمين بالظن كالمشركين؟ لنر:

إن المشركين عندما كانوا يقولون بهذا الزعم لم يكونوا يعرفون مصدره ولا من هو أول من قال به وعلى أي شيء اعتمد وهل كان عاقلاً أم مجنوناً وهل هو كذاب أم صادق وهل هو كاهن أم مخرف ... ثم إنهم لا يعلمون من هو الذي نقله عنه وهل هو ثقة صادق أم لا ولكنه انتشر بينهم وأصبح معتقداً ولئن سالتهم عنه ليقولن إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم لمقتدون.

فهل اعتقادنا نحن المسلمين في الملائكة كاعتقاد المشركين فيهم؟

أما نحن المسلمين فإننا قلنا بأن الملائكة خلقت من نور بناء على نقل الثقات لنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه قال ذلك ونحن نؤمن أنه رسول الله وأنه ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى. ونحن نعرف من روى لنا هذا الحديث ونعرف رجاله وكلهم ثقات أمناء. وهو مروي في صحيح مسلم الذي أجمعت الأمة على تلقيه بالقبول.

فهل يقول عاقل بعد ذلك إن قولنا إن الملائكة خلقت من نور كقول المشركين بأن الملائكة إناث؟ إن من يقول ذلك هو والله ظالم لنفسه وظالم لمن يأخذون بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إن هؤلاء الذين يزعمون أن أحاديث الآحاد لا تفيد إلا الظن هم الذين يتكلمون بالظن.

فإذا سالتهم لماذا كان حديث الآحاد ظنياً قالوا: لأنه (محتمل) فإذا سألناهم ما هو هذا الاحتمال وأي شيء هو حتى تأخذون به وتظننون أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجله؟

قالوا: إن معنى الاحتمال أن هناك شبهة تمنعنا من الجزم بهذه الحديث وهي أن الرواي (قد) يخطئ، و (قد) يهم في نقل الحديث (فقد) يرفع الموقوف و (قد) يسهو فيدرج في الحديث ما ليس منه.

وكما يرى كل مسلم بالغ عاقل فإن اعتماد هؤلاء على (لاشيء) سموه (الاحتمال) وقد قام هذا الاحتمال على أسس متينة عندهم تناسب عقولهم وهي (القدقدات)!!

وإنني اسألهم ما هو هذا الاحتمال وأي شي هو حتى تقيموا عليه العلالي؟!

إن هذا الاحتمال ما هو إلا مجرد وسواس قام في نفوسهم ولا ذنب للخبر فيه.

ثم إن كون الشيء ممكناً فإن ذلك لا يعني بالضرورة أنه قد وقع بالفعل فأنتم لمجرد افتراض أن يقع الخطأ رفضتم الخبر ولكنكم لم تروا الخطأ بالفعل ولم يقم البرهان على وقوعه أفلا تعقلون؟ فمن هو بالله الذي يتبع الظن؟ الذي يأخذ بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يرويه الثقات الأمناء أم الذي يتبع وسواساً مجرداً لا مكان له من العلم ولا حتى من الظن؟ أجيبوني أيها العقلاء.

تلخيص من مذكرة "لماذا نأخذ بأحاديث الآحاد" للشيخ خالد القاسم.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير