تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما الأحكام التي هي من جنس السحر فمن الممتنع أن يكون نبي من الأنبياء كان ساحرًا، وهم يذكرون أنواعا من السحر، ويقولون: هذا يصلح لعمل النواميس. أي: الشرائع، والسنن ومنها ما هو دعاية الكواكب، وعبادة لها، وأنواع من الشرك الذي يعلم كل من آمن باللّه ورسوله بالاضطرار أن نبيًا من الأنبياء لا يأمر بذلك / ولا علمه، وإضافة ذلك إلى بعض الأنبياء كإضافة من أضاف ذلك إلى سليمان عليه السلام، لما سخر اللّه له الجن والإنس والطير، فزعم قوم أن ذلك كان بأنواع من السحر، حتى إن طوائف من اليهود والنصارى لا يجعلونه نبيا حكيما، فنزهه اللّه عن ذلك فقال تعالى: {وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} الآية [البقرة: 102] وكذلك ـ أيضًا ـ الاستدال على الحوادث بما يستدلون به من الحركات العلوية، والاختيارات للأعمال، هذا كله يعلم قطعا أن نبيا من الأنبياء لم يؤمر قط بهذا؛ إذ فيه من الكذب والباطل ما ينزه عنه العقلاء الذين هم دون الأنبياء بكثير، وما فيه من الحق فهو شبيه بما قال إمام هؤلاء ومعلمهم الثاني ـ أبو نصر الفارابي ـ قال ما مضمونه: إنك لو قلبت أوضاع المنجمين، فجعلت مكان السعد نحسا، ومكان النحس سعدا، أو مكان الحار باردا، أو مكان البارد حارا، أو مكان المذكر مؤنثا، أو مكان المؤنث مذكرا، وحكمت، لكان حكمك من جنس أحكامهم، يصيب تارة، ويخطئ أخرى. وما كان بهذه المثابة فهم ينزهون عنه بقراط، وأفلاطون، وأرسطو، وأصحابه الفلاسفة المشائين، الذين يوجد في كلامهم من الباطل والضلال نظير ما يوجد في كلام اليهود والنصارى، فإذا كانوا ينزهون عنه هؤلاء الصابئين، وأنبياءهم الذين أقل نسبة، وأبعد عن معرفة الحق من اليهود والنصارى: فكيف يجوز نسبته إلى نبي كريم؟!

/ونحن نعلم من أحوال أئمتنا أنه قد أضيف إلى جعفر الصادق ـ وليس هو بنبي من الأنبياء ـ من جنس هذه الأمور ما يعلم كل عالم بحال جعفر ـ رضي اللّه عنه ـ أن ذلك كذب عليه، فإن الكذب عليه من أعظم الكذب، حتى نسب إليه أحكام الحركات السفلية كاختلاج الأعضاء وحوادث الجو من الرعد، والبرق، والهالة، وقوس اللّه، الذي يقال له: قوس قزح وأمثال ذلك، والعلماء يعلمون أنه بريء من ذلك كله.

وكذلك نسب إليه الجدول الذي بني عليه الضلال طائفة من الرافضة، وهو كذب مفتعل عليه، افتعله عليه عبد اللّه بن معاوية أحد المشهورين بالكذب، مع رياسته، وعظمته عند أتباعه.

وكذلك أضيف إليه كتاب الجفر، والبطاقة، والهفت، وكل ذلك كذب عليه باتفاق أهل العلم به، حتى أضيف إليه رسائل إخوان الصفا، وهذا في غاية الجهل؛ فإن هذه الرسائل إنما وضعت بعد موته بأكثر من مائتي سنة؛ فإنه توفى سنة ثمان وأربعين ومائة، وهذه الرسائل وضعت في دولة بني بويه في أثناء المائة الرابعة في أوائل دولة بني عبيد الذين بنوا القاهرة، وضعها جماعة، وزعموا أنهم جمعوا بها بين الشريعة والفلسفة، فضلوا وأضلوا.

وأصحاب جعفر الصادق الذين أخذوا عنه العلم ـ كمالك بن أنس وسفيان بن عيينة، وأمثالهما من الأئمة أئمة الإسلام براء من هذه الأكاذيب.

/وكذلك كثير ما يذكره الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي في كتاب حقائق التفسير عن جعفر من الكذب الذي لا يشك في كذبه أحد من أهل المعرفة بذلك. وكذلك كثير من المذاهب الباطلة التي يحكيها عنه الرافضة وهي من أبين الكذب عليه. وليس في فرق الأمة أكثر كذبا واختلافا من الرافضة من حين نبغوا.

فأول من ابتدع الرفض كان منافقا زنديقا، يقال له: عبد اللّه بن سبأ فأراد بذلك إفساد دين المسلمين، كما فعل [بولص] صاحب الرسائل التي بأيدي النصارى، حيث ابتدع لهم بدعا أفسد بها دينهم، وكان يهوديا، فأظهر النصرانية نفاقا فقصد إفسادها، وكذلك كان ابن سبأ يهوديا فقصد ذلك، وسعى في الفتنة لقصد إفساد الملة، فلم يتمكن من ذلك، لكن حصل بين المؤمنين تحريش وفتنة قتل فيها عثمان ـ رضي اللّه عنه ـ وجرى ما جرى من الفتنة، ولم يجمع اللّه ـ وللّه الحمد ـ هذه الأمة على ضلالة، بل لا يزال فيها طائفة قائمة بالحق لا يضرها من خالفها ولا من خذلها حتى تقوم الساعة، كما شهدت بذلك النصوص المستفيضة في الصحاح عن النبي صلى الله

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير