قوله (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رأيت) في رواية فضيل في رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم " في المدينة " وفي رواية الإسماعيلي من طريق ابن جريج ويعقوب بن عبد الرحمن كلاهما عن موسى بن عقبة مثله قال " في وباء المدينة".
قوله (رأيت) في رواية عبد العزيز بن المختار عن موسى بن عقبة " لقد رأيت".
قوله (كأن امرأة سوداء ثائرة الرأس) في رواية ابن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عند أحمد وأبي نعيم " ثائرة الشعر " والمراد شعر الرأس وزاد " تفلة " بفتح المثناة وكسر الفاء بعدها لام أي كريهة الرائحة.
قوله (خرجت) كذا في أكثر الروايات، ووقع في رواية ابن أبي الزناد " أخرجت " بزيادة همزة مضمومة أوله على البناء للمجهول ولفظه " أخرجت من المدينة فأسكنت بالجحفة " وهو الموافق للترجمة، وظاهر الترجمة أن فاعل الإخراج النبي صلى الله عليه وسلم، وكأنه نسبه إليه لأنه دعا به، فقد تقدم في آخر فضل المدينة في آخر كتاب الحج من حديث عائشة أنه صلى الله عليه وسلم قال " اللهم حبب إلينا المدينة " الحديث، وفيه " وانقل حماها إلى الجحفة " قالت عائشة " وقدمنا المدينة وهي أوبأ أرض الله".
قوله (حتى قامت بمهيعة وهي الجحفة) أما مهيعة فبفتح الميم وسكون الهاء بعدها ياء آخر الحروف مفتوحة ثم عين مهملة وقيل بوزن عظيمة، وأظن قوله وهي الجحفة مدرجا من قول موسى بن عقبة فإن أكثر الروايات خلا عن هذه الزيادة وثبتت في رواية سليمان وابن جريج، ووقع في رواية ابن جريج عن موسى عند ابن ماجه " حتى قامت بالمهيعة " قال ابن التين: ظاهر كلام الجوهري أن مهيعة تصرف لأنه أدخل عليها الألف واللام، ثم قال: إلا أن يكون أدخلهما للتعظيم وفيه بعد.
قوله (فأولت أنه وباء المدينة نقل إليها) في رواية ابن جريج " فأولتها وباء المدينة ينقل إلى الجحفة " قال المهلب: هذه الرؤيا من قسم الرؤيا المعبرة وهي مما ضرب به المثل، ووجه التمثيل أنه شق من اسم السوداء السوء والداء فتأول خروجها بما جمع اسمها، وتأول من ثوران شعر رأسها أن الذي يسوء ويثير الشر يخرج من المدينة، وقيل لأن ثوران الشعر من اقشعرار الجسد ومعنى الاقشعرار الاستيحاش فلذلك يخرج ما تستوحش النفوس منه كالحمى.
قلت: وكأن مراده بالاستيحاش أن رؤيته موحشة، وإلا فالاقشعرار في اللغة تجمع الشعر وتقبضه، وكل شيء تغير عن هيئته يقال اقشعر كاقشعرت الأرض بالجدب والنبات من العطش، وقد قال القيراوني المعبر: كل شيء غلبت عليه السوداء في أكثر وجوهها فهو مكروه.
وقال غيره: ثوران الرأس يؤول بالحمى لأنها تثير البدن بالاقشعرار وارتفاع الرأس لا سيما من السوداء فإنها أكثر استيحاشا.
ـ[محمد عابدين]ــــــــ[04 - 09 - 03, 09:07 ص]ـ
فتح الباري، شرح صحيح البخاري، كتاب التعبير.
باب مَنْ لَمْ يَرَ الرُّؤْيَا لِأَوَّلِ عَابِرٍ إِذَا لَمْ يُصِبْ.
الحديث: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ فِي الْمَنَامِ ظُلَّةً تَنْطُفُ السَّمْنَ وَالْعَسَلَ فَأَرَى النَّاسَ يَتَكَفَّفُونَ مِنْهَا فَالْمُسْتَكْثِرُ وَالْمُسْتَقِلُّ وَإِذَا سَبَبٌ وَاصِلٌ مِنْ الْأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ فَأَرَاكَ أَخَذْتَ بِهِ فَعَلَوْتَ ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلَا بِهِ ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلَا بِهِ ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَانْقَطَعَ ثُمَّ وُصِلَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَاللَّهِ لَتَدَعَنِّي فَأَعْبُرَهَا
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْبُرْهَا قَالَ أَمَّا الظُّلَّةُ فَالْإِسْلَامُ وَأَمَّا الَّذِي يَنْطُفُ مِنْ الْعَسَلِ وَالسَّمْنِ فَالْقُرْآنُ حَلَاوَتُهُ تَنْطُفُ فَالْمُسْتَكْثِرُ مِنْ الْقُرْآنِ وَالْمُسْتَقِلُّ وَأَمَّا السَّبَبُ الْوَاصِلُ مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ فَالْحَقُّ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ تَأْخُذُ بِهِ فَيُعْلِيكَ اللَّهُ ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ مِنْ بَعْدِكَ فَيَعْلُو بِهِ ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَيَعْلُو بِهِ ثُمَّ يَأْخُذُهُ رَجُلٌ آخَرُ فَيَنْقَطِعُ بِهِ ثُمَّ يُوَصَّلُ لَهُ فَيَعْلُو بِهِ فَأَخْبِرْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ أَصَبْتُ أَمْ أَخْطَأْتُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا قَالَ فَوَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَتُحَدِّثَنِّي بِالَّذِي أَخْطَأْتُ قَالَ لَا تُقْسِمْ
قوله (أصبت بعضا وأخطأت بعضا) في رواية سليمان بن كثير وسفيان بن حسين " أصبت وأخطأت".
¥