تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: وهو حمل متعسف ظاهر التكلف، ثم أنه يرد عليه ما فر منه فإنه روى من رواية أبي هريرة رضي الله عنه من غير هذا الوجه. وذلك فيما رواه أبو داود في سننه من طريق ابن وهب عن عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال عن سعيد المقبري، عن عبد الله بن عمرو بن العاص موقوفاً نحو هذا الحديث.

قال عمرو بن الحارث: وحدثني بنحوذلك عبد الرحمن بن أبي عمرو عن المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم. وأخرجه ابن حبان في صحيحه والطبراني في الدعاء من طريق ابن وهب هذه.

ولما أخرج الترمذي حديث ابن جريج المبدأ بذكره في ((كتاب الدعوات)) من جامعه عن أبي عبيدة بن أبي السفر، عن حجاج قال: هذا حديث حسن [صحيح] غريب لا نعرفه من حديث سهيل إلا من هذا الوجه)). انتهى.

وهو متعقب أيضاً وقد عرفناه من حديث سهيل من غير هذا الوجه فرويناه في الخلعيات مخرجاً من أفراد الدار قطني من طريق الواقدي ثنا عاصم ابن عمر وسليمان بن بلال كلاهما عن سهيل به. ورويناه في كتاب الذكر لجعفر الفرباني قال: ثنا هشام بن عمار. ثنا إسماعيل بن عياش. ثنا سهيل. ورويناه في ((الدعاء)) للطبراني من طريق ابن وهب قال: حدثني محمد بن أبي حميد عن سهيل. فهؤلاء أربعة رووه عن سهيل من غير هذا الوجه الذي أخرجه الترمذي فلعله إنما نفى أن يكون يعرفه من طريق قوية، لنه الطرق المذكورة لا يخلو واحد منها من مقال.

أما الأولى: فالواقدي متروك الحديث.

وأما الثانية: فإسماعيل بن عياش مضعف في غير روايته عن الشاميين. ولو صرح بالتحديث.

وأما الثالثة: فمحمد بن أبي حميد وإن كان مدنياً، لكنه ضعيف أيضاً وقد سبق الترمذي أبو حاتم إلى ما حكم به من تفرد تلك الطريق عن سهيل، فقال: فيما حكاه ابنه عنه في ((العلل)): ((لا أعلم روى هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في شئ من طريق أبي هريرة رضي الله عنه.

قال: وأما رواية إسماعيل بن عياش، فما أدري ما هي؟ إنما روى عنه إسماعيل أحاديث يسيرة)).

فكأن أبا حاتم استبعد أن يكون إسماعيل حدث به، لن هشام بن عمار تغير في آخر عمره، فلعله رأى أن هذا مما خلط فيه، ولكت أورد ابن أبي حاتم على إطلاق أبيه طريق سعيد المقبري عن أبي هريرة التي قدمناها، ثم اعتذر عنه بقوله: كأنه لم يصحح رواية عبد الرحمن بن أبي عمرو عن المقبري

وهذا يدلك على أنهم قد يطلقون النفي، ويقصدون به نفي الطرق الصحيحة، فلا ينبغي أن يورد على إطلاقهم مع ذلك الطرق الضعيفة والله الموفق.

وذكر الدار قطني هذا الحديث في ((كتاب العلل)) وحكى عن أحمد بن حنبل أنه قال: حديث ابن جريج عن موسى بن عقبة وهم قال: والصحيح قول وهيب عن سهيل عن عون بن عقبة بن عبد الله قال أحمد: وأخشى أن يكون ابن جريج دلسه على موسى بن عقبة أخذه عن بعض الضعفاء عنه. قال الدار قطني: والقول قول أحمد.

وقال ابن أبي حاتم في ((كتاب العلل)):

((سألت أبي وأبا زرعة عن حديث ابن جريج (يعني هذا) فقالا: ((هذا خطأ رواه وهيب عن سهيل عن عون بن عبد الله موقوفاً وهذا أصح. قلت لأبي: فالوهم ممن هو.

قال: يحتمل أن يكون من ابن جريج (ويحتمل أن يكون من سهيل قال: وأخشى أن يكون ابن جريج دلسه) عن موسى بن عقبة أخذه من بعض الضعفاء)).

وقال في موضع آخر: ((لم يذكر فيه ابن جريج الخبر فأخشى أن يكون أخذه عن إبراهيم بن أبي يحيى)).

[إتفاق جماعة من الأئمة على وجود الوهم في هذه الرواية:]

قلت: فاتفق هؤلاء الأئمة على أن هذه الوراية وهم، لكن لم يجزم أحد منهم بوجه الوهم فيه، بل اتفقوا على تجويز أن يكون ابن جريج دلسه، وزاد أبو حاتم تجويز أن يكون الوهم فيه من سهيل. فأما الخشية الأولى، فقد أمناها لوجودنا هذا الحديث من طرق عدة عن ابن جريج قد صرح فيها بالسماع من موسى.

[الطرق التي صرح فيها ابن جريج بالتحديث:]

منها: ما تقدم عن البخاري في مساق البيهقي، عن الحاكم.

ومنها: ما رويناه في ((معجم أبي الحسين بن جميع)) قال: ((ثنا جعفر بن محمد الهمداني. ثنا

هلال بن العلاء ثنا حجاج بن محمد ثنا ابن جريج أخبرني موسى بن عقبة)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير