تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[محمد عبد العزيز الجزائري]ــــــــ[30 - 10 - 10, 01:53 ص]ـ

قال الإمام الألبانيّ -رحمه الله- في الجزء السّادس مِنْ إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السّبيل، صفحة رقم 34:

1589 - (حديث: ((أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم غضب حين رأى مع عمر صحيفة فيها شيء من التَّوراة وقال: أفي شكٍّ أنت يا ابن الخطَّاب؟ ألم آت بها بيضاء نقيَّة؟ لو كان أخي موسى حيًّا ما وسعه إلاَّ اتِّباعي))) ص2/ 6.

حسن. أخرجه أحمد (3/ 387) من طريق مجالد عن الشّعبيّ عن جابر بن عبد الله: ((أنّ عمر بن الخطّاب أتى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فقرأه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فغضب، فقال: أمُتَهَوِّكون فيها يا ابن الخطّاب، والّذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقيّة، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحقّ فتكذّبوا به، أو بباطل فتصدّقوا به، والّذي نفسي بيده، لو أنّ موسى صلّى الله عليه وسلّم كان حيّا ما وسعه إلاّ أن يتبعني)).

وكذا أخرجه الدّارميّ (1/ 115) وابن أبي عاصم في ((السّنّة)) (5/ 2) وابن عبد البرّ في ((جامع بيان العلم)) (2/ 42) والهرويّ في ((ذمّ الكلام)) (4/ 67 - 2) والضّياء المقدسيّ في ((المنتقى من مسموعاته بمرو)) (33/ 2) كلّهم عن مجالد به.

قلت: وهذا سند فيه ضعف، من أجل مجالد وهو ابن سعيد الهمدانيّ قال الحافظ في ((التّقريب)):

((ليس بالقويّ، وقد تغيّر في آخر عمره)).

وقال الحافظ في ((الفتح)) (13/ 284):

((رواه أحمد وابن أبي شيبة والبزّار، ورجاله موثّقون، إلاّ أنّ في مجالد ضعفا)).

قلت: لكن الحديث قويّ، فإنّ له شواهد كثيرة، أذكر بعضها:

أوّلا: عن عبد الله بن ثابت خادم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال:

((جاء عمر رضي الله عنه بصحيفة ... )) الحديث بنحوه.

أخرجه ابن الضّريس في ((فضائل القرءان)) (1/ 76/1) والهرويّ في ((ذمّ الكلام)) (3/ 64/1) وعبد الغنيّ المقدسيّ في ((الجواهر)) (ق 245/ 1) من طريق جابر الجعفيّ عن عامر الشّعبيّ عن عبد الله بن ثابت به.

والجعفيّ ضعيف ومن طريقه رواه البزّار أيضا كما قال الحافظ.

وأخرجه ابن عبد البرّ من طريق عبد الرزّاق قال: وأخبرنا الثّوريّ عن الشّعبيّ به.

كذا في النّسخة المطبوعة، وغالب الظّنّ، أنّه سقط منها جابر الجعفيّ، فالحديث حديثه.

ثانيا: عن أبي قلابة أنّ عمر ... فذكره نحوه أخرجه الهرويّ أيضا. وهو منقطع.

ثالثا: عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ((لو كان فيكم موسى واتّبعتموه وعصيتموني لدخلتم النّار)).

أخرجه الرّوياني في مسنده (9/ 50/2) عن طريق ابن لهيعة: حدّثني مشرح بن هاعان المعافريّ أنّه سمع عقبة به.

قلت: وهذا إسناد لا بأس به في الشّواهد. رجاله ثقات غير ابن لهيعة، فإنّه سيّء الحفظ.

رابعا: عن خالد بن عرفطة قال:

((كنت جالسًا عند عمر رضي الله عنه، إذ أتي برجل من عبد القيس سكنه بالسّوس، فقال له عمر: أنت فلان بن فلان العبديّ؟ قال: نعم، قال: وأنت النّازل بالسّوس؟ قال: نعم، فضربه بعصاة معه، فقال: ما لي يا أمير المؤمنين؟ فقال له عمر: اجلس. فجلس، فقرأ عليه (بسم الله الرّحمن الرّحيم، الر * تلك ءايات الكتاب المبين * إنّا أنزلناه قرءانا عربيّا لعلّكم تعقلون * نحن نقصّ عليك أحسن القصص ... ) الآية، فقرأها عليه ثلاثا وضربه ثلاثا، فقال: الرّجل: ما لي يا أمير المؤمنين؟ فقال: أنت الّذي نسخت كتاب دانيال؟! فقال: مرني بأمرك أتّبعه، قال: انطلق فامحه بالحميم والصّوف الأبيض، ثمّ لا تَقْرَأه، ولا تُقْرِأه أحدا من النّاس، فلئن بلغني عنك أنّك قَرَأته، أو أقْرَأتَه أحدا من النّاس لأنهكنّك عقوبة، ثمّ قال له اجلس، فجلس بين يديه فقال:

انطلقتُ أنا فانتسَختُ كتابا من أهل الكتاب، ثمّ جئت به في أديم فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ما هذا في يدك يا عمر؟ قال: قلت: يا رسول الله كتاب نسخته لنزداد به علما إلى علمنا، فغضب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتّى احمرّت وَجْنَتَاهُ، ثمّ نودي بالصّلاة جامعة، فقالت الأنصار: اغضب نبيّكم هلمّ السّلاح السّلاح، فجاؤوا حتّى أحدقوا بمنبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال صلّى الله عليه وسلّم:

يا أيّها النّاس إنّي أوتيت جوامع الكلم وخواتيمه، واختصر لي اختصارا، ولقد أتيتكم بها بيضاء نقيّة، ولا تتهوّكوا، ولا يغرّنّكم المتهوّكون.

قال عمر: فقمت فقلت: رضيت بالله ربّا وبالإسلام دينا، وبك رسولا، ثمّ نزل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم)).

أخرجه الضّياء في ((الأحاديث المختارة)) (1/ 24 - 25) من طريق أبي يعلى الموصليّ ثنا عبد الغفّار بن عبد الله بن الزّبير ثنا عليّ بن مسهر عن عبد الرّحمن بن إسحاق عن خليفة بن قيس عن خالد بن عرفطة. وقال الضّياء:

((عبد الرّحمن بن إسحاق، أخرج له مسلم وابن حبّان)).

قلت: كلاّ، فإنّ الّذي أخرج له مسلم إنّما هو عبد الرّحمن بن إسحاق بن عبد الله العامريّ القرشيّ مولاهم، وليس هو هذا، وإنّما هو عبد الرّحمن بن إسحاق بن سعد أبو شيبة الواسطيّ، بدليل أنّ الّذي رواه عنه عليّ بن مسهر، وهو إنّما روى عن هذا كما في ترجمته من ((التّهذيب))، وهو ضعيف اتّفاقا.

ولذلك قال الهيثميّ (1/ 173و182) بعد أن عزاه لأبي يعلى:

((وفيه عبد الرّحمن بن إسحاق الواسطيّ ضعّفه أحمد وجماعة)).

ثمّ إنّ في الحديث علّة أخرى هي خليفة بن قيس. أورده العقيليّ في ((الضّعفاء)) (122) وقال:

((قال البخاريّ: يُعَدُّ في الكوفيّين، لم يصحّ حديثه)).

ثمّ ساق العقيليّ له هذا الحديث من طريق أخرى عن عليّ بن مسهر به وقال: ((وفي هذا رواية أخرى من غير هذا المعنى، بإسناد فيه أيضا لين)).

قلت: كأنّه يشير إلى حديث جابر.

"يتبع"

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير