أما كون الجوزجاني ناصبي فلم يثبت عنه. وفي كل الأحوال هو ثقة ثبت على الإطلاق، وهو صادق بنقله، لم يشكك في ذلك أحد من فحول عصره.
وقد شهد عليه القاضي الفاضل حسين بن واقد بأنه يشتم أبا بكر وعمر، وهذا هو الرفض بعينه. وقد شهد عليه ليث بالكذب. وليث من أفاضل أهل السنة، وإن كان حفظه ضعيفاً. وكم من إمام فقيه عارف فاضل، لم يكن بالحافظ للحديث. فشهادته مقبولة، وعدالته ثابتة. أما عدالة السدي الرافضي فساقطة.
أما كونه من رجال مسلم فلا يفيده شيئاً. فقد روى مسلم عن ضعفاء في أصول صحيحه، وعاب عليه أبو زرعة هذا، فاعتذر بأنه أراد العلو، وما روى لهؤلاء الضعفاء إلا ما وافق حديث الثقات، بأن يكون الحديث معروفاً من طريق غيره لكنه ما وقت لمسلم إلا بنزول فعدل عنه. وابن لهيعة قد احتج به مسلم على ضعفه الشديد واختلاطه، لكن بما وافق الثقات فحسب.
خلاصة الأقوال في السدي الكبير:
كان السدي الكبير رافضياً يشتم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، ويشرب النبيذ ويكذب في الحديث. وإجمالاً فالسدي الكبير أثنى على عدالته القطان والنسائي وابن عدي وأحمد (في رواية). وجرحه أحمد (في رواية) وابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة والشعبي وابن مهدي والعقيلي والساجي والطبري وشعبة. واتهمه بالكذب الحافظ السعدي وليث بن أبي سليم (وهو من أئمة السنة وإن كان حفظه ضعيفاً) والمعتمد بن سليمان.
وأكثر ما يروى عن السدي من طريق: عمرو بن طلحة القناد (صدوق رافضي) عن أسباط بن نصر الهمداني (ضعيف) عن السدي. وهذا طريق ضعيف لا حجة فيه.
وقد ترجح لي ضعفه للأسباب التالية:
1 - الجارحون أكثر من المعدلين. ومعلومٌ أن الجرح مقدم على التعديل
2 - كون الجرح شديد وصل لدرجة الاتهام بالكذب وليس مجرد وجود مناكير
3 - كون السدي مبتدعاً رافضياً، وهي بدعة مغلظة، مع كثرة ما رواه في ما يدعم بدعته
4 - غالب مرويات السدي هي في التفسير، ولم يتابع على كثير منها، وبخاصة مروياته عن مرة عن ابن مسعود
ـ[الورّاق]ــــــــ[31 - 10 - 03, 06:03 ص]ـ
الشيخ محمد الأمين وفقه الله
قلت حفظك الله: (أقول: من البداهة أن كل رافضي هو شيعي. هذا يعرفه حتى العوام،))!
والذي أعرفه يارعاك الله أن الرافضي يختلف عن الشيعي في العصور المتقدمة، فيطلق الشيعي على من يتشيع لعلي ويفضله على أبي بكر وعمر، ولكنه يترضى عنهما، أما الرافضي فهو من يطعن في الشيخين ويغلو في علي رضي الله عنهم جميعاً، هذا بالنسبة للعصور المتقدمة، ولذلك الأئمة يبالغون ـ وهم على حق ـ في ذم أهل هذا المسلك، واقرأ إن شئت ترجمة ابن خراش في التذكرة للذهبي.
أما اليوم فليس هناك شيعي والعلم عند الله، وإنما الكل رافضة غلاة.
حفظك الله.
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[31 - 10 - 03, 07:33 ص]ـ
صدقني ما عنيت شخصك، بل أنا أقدر كل من يبحث عن الحق بتجرد.
والتكرار سببه أنني كما أشرت قد كتبت هذه الأسطر في مقالتنا السابقة.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&postid=65611#post65611
وصدقني أنا ما زلت في غاية الهدوء، إذ ماذا سيفيدني لو اتضح أن السدي حافظ وقته أو أنه ضعيف، لكن الذي أعرفه أن من خرج له الشيخان فقد جاوز القنطرة، فلذا ترجح الأخذ بقولهما فيمن رووا عنه في الأصول. ومن ثم وجب المزيد من التحري في النقل والتأكد قبل المسارعة في الرمي بغير تدقيق.
ثم ما قاله الوراق هو ما عنيته. نعم ممكن أن يقال "وليس كل شيعي رافضي"
وأزيد أننا اليوم نادرا ما نرى شيعة فالأغلب هم الروافض، وفئات من الزيدية اليوم هم على التفصيل القديم.
أما عن الحجج العلمية فما زلت أنتظرها منك في حقيق رفض الرجل. لأن مدارها على طريق واحد فيما أعلم.
أما الجوزجاني فقد قال عنه ابن حبان في الثقات ج 8 /ص 81
وكان حريزى المذهب ولم يكن بداعية إليه وكان صلبا في السنة حافظا للحديث إلا أنه من صلابته ربما كان يتعدى طوره
وأنا ما أفعله هو اجتناب هذه التعديات والتي أظنها جعلت الحافظ ابن حجر يضعف هذا الاتهام ويرويه بالتمريض.
فائدة:
قال ابن حجر:
ورأيت في نسخة من كتاب ابن حبان: "حريزي المذهب" وهو بفتح الحاء المهملة وكسر الراء وبعد الياء زاي نسبة إلى حريز بن عثمان المعروف بالنصب
وأيضا قال ابن عدي عنه في الكامل في ضعفاء الرجال ج: 1 ص: 310
وكان شديد الميل الى مذهب أهل دمشق في التحامل على علي
وفي تذكرة الحفاظ ج 2 /ص 549 بعد أن نقل مقالة ابن عدي قال:
وقال الدارقطني كان من الحفاظ الثقات المصنفين وفيه انحراف عن علي
وهناك قصة الله أعلم بصحتها ذكرها ابن حجر في تهذيب التهذيب ج 1 /ص 159
قال السلمي عن الدارقطني بعد أن ذكر توثيقه لكن فيه انحراف عن علي اجتمع على بابه أصحاب الحديث فأخرجت جارية له فروجة لتذبحها فلم تجد من يذبحها فقال سبحان الله فروجة لا يوجد من يذبحها وعلي يذبح في ضحوة نيفا وعشرين ألف مسلم
ونعوذ بالله من مثل هذا الزيغ.
لكن ما هو أهم من هذا هو ما حققه الحافظ بقوله:
قلت وكتابه في الضعفاء يوضح مقالته
اهـ
فلذا وجب التحري فيما ينقل عنه تحت هذا الباب.
أما القصة التي اعتمدها العقيلي فهي في الضعفاء الكبير ج 1 /ص 87
حدثنا جعفر بن محمد قال حدثنا إبراهيم بن يعقوب قال سمعت علي بن الحسين بن واقد يحدث عن أبيه قال قدمت الكوفة فأتيت السدي فسألته عن تفسير آية من كتاب الله فحدثني بها فلم أتم مجلسي حتى سمعته يشتم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فلم أعد اليه
أقول وزيادة على كل ما سبق فعندي أنها معلولة لأن الجوزجاني رواها في أحوال الرجال ص: 54 في ترجمة الكلبي!!!
فقال: حدثت عن علي بن الحسين بن واقد حدثني أبي قال قدمت الكوفة ومنيتي لقي السدي فأتيته فسألته عن تفسير سبعين آية من كتاب الله تعالى فحدثني بها فلم أقم من مجلسي حتى سمعته يشتم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فلم أعد إليه
ولم أجد الحكاية عند ترجمة السدي حيث اكتفى بقوله كذاب شتام.
وقوله حدثت تدل على أنه لم يسمع الحكاية من علي بن حسين، فهي حكاية مروية عن مجاهيل
فلله در الحافظ ابن حجر ما أدق نظره وسعة معرفته.
¥