تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فَقَالَ الحَجَّاجُ: وَيْلَكَ يَا سَعِيْدُ! قَالَ: الوَيْلُ لِمَنْ زُحْزِحَ عَنِ الجَنَّةِ، وَأُدْخِلَ النَّارُ. قَالَ: اخْتَرْ أَيَّ قِتْلَةٍ تُرِيْدُ أَنْ أَقْتُلَكَ؟ قَالَ: اخْتَرْ لِنَفْسِكَ يَا حَجَّاجُ، فَوَاللهِ مَا تَقْتُلُنِي قِتْلَةً، إِلاَّ قَتَلْتُكَ قَتْلَةً فِي الآخِرَةِ. قَالَ: فَتُرِيْدُ أَنْ أَعْفُوَ عَنْكَ؟ قَالَ: إِنْ كَانَ العَفْوُ، فَمِنَ اللهِ، وَأَمَّا أَنْتَ فَلاَ بَرَاءةَ لَكَ وَلاَ عُذْرَ. قَالَ: اذْهبُوا بِهِ، فَاقْتُلُوْهُ. فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ البَابِ، ضَحِكَ، فَأُخْبِرَ الحَجَّاجُ بِذَلِكَ، فَأَمَرَ بِرَدِّهِ، فَقَالَ: مَا أَضْحَكَكَ؟ قَالَ: عَجِبْتُ مِنْ جُرْأَتِكَ عَلَى اللهِ، وَحِلْمِهِ عَنْكَ! فَأَمَرَ بِالنِّطْعِ، فَبُسِطَ، فَقَالَ: اقْتُلُوْهُ. فَقَالَ: " وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ ". قَالَ: شُدُّوا بِهِ لِغَيْرِ القِبْلَةِ. قَالَ: " فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ". قَالَ: كُبُّوْهُ لِوَجْهِهِ. قَالَ: " مِنْهَا خَلَقْنَاكُم، وَفِيْهَا نُعِيْدُكُم ". قَالَ: اذْبَحُوْهُ. قَالَ: إِنِّي أَشْهَدُ وَأُحَاجُّ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ، خُذْهَا مِنِّي حَتَّى تَلْقَانِي يَوْمَ القِيَامَةِ. ثُمَّ دَعَا اللهَ سَعِيْدٌ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ لاَ تُسَلِّطْهُ عَلَى أَحَدٍ يَقْتُلُهُ بَعْدِي. فَذُبِحَ عَلَى النِّطْعِ.

وَبَلَغَنَا: أَنَّ الحَجَّاجَ عَاشَ بَعْدَهُ خَمْسَ عَشَرةَ لَيْلَةً، وَقَعَتْ فِي بَطْنِهِ الأَكِلَةُ، فَدَعَا بِالطَّبِيْبِ لِيَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ، ثُمَّ دَعَا بِلَحْمٍ مُنْتِنٍ، فَعَلَّقَهُ فِي خَيْطٍ، ثُمَّ أَرْسَلَهُ فِي حَلْقِهِ، فَتَرَكَهُ سَاعَةً، ثُمَّ اسْتَخْرَجَهُ، وَقَدْ لَزِقَ بِهِ مِنَ الدَّمِ، فَعَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِنَاجٍ.ا. هـ.

قال الإمامُ الذهبي بعد ذكر الروايةِ: هَذِهِ حِكَايَةٌ مُنْكَرَةٌ، غَيْرُ صَحِيْحَةٍ.ا. هـ.

والقصةُ في سندها حَفْصُ بنُ سليم أَبُو مُقَاتِلٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ.

قال الذهبي في " الميزان " (1/ 557): وهاه قتيبة شديداً، وكذبهُ ابنُ مهدي لكونهِ روى عن عبيدِ الله عن نافع عن ابنِ عمر مرفوعاً: من زار قبرَ أمهِ كان كعمرةٍ. وسئل عنه إبراهيمُ بنُ طهمان فقال: خذوا عنهُ عبادتهِ وحسبكم. وذكر بعضاً من رواياتهِ.ا. هـ.

وقال الحافظُ ابنُ حجر في " اللسان " (2/ 393): قلتُ: ووهاهُ الدارقطني أيضاً. وقال الخليلي: مشهورٌ بالصدقِ، غيرُ مخرجٌ في الصحيحِ، وكان يفتي، ولهُ في الفقهِ محلٌ، وتعنى بجمع حديثهُ.

ولهُ ذكرٌ في العللِ التي في آخرِ الترمذي، وأغفلهُ المزي.

قال الترمذي: حدثنا موسى بنُ حزام، سمعتُ صالحَ بنُ عبدِ اللهِ قال: كنا عند أبي مقاتل السمرقندي، فجعل يروي عن عونِ بنِ شداد الأحاديثَ الطوال التي كانت تروى في وصيةِ لقمان، وقتلِ سعيدِ بنِ جبير، وما أشبه ذلك، فقال له ابنُ أخيه: يا عمُ لا تقل حدثنا عون، فإنك لم تسمع هذه الأشياء، فقال: بلى؛ هو كلامٌ حسنٌ.ا. هـ.

وقال الإمامُ ابنُ كثيرِ في " البداية والنهاية " (9/ 117): وقال أبو نعيم في كتابه الحلية، ثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا محمد بن أحمد ابن أبي خلف، ثنا شعبان، عن سالم بن أبي حفصة، قال: لما أتى بسعيد بن جبير إلى الحجاج قال له: أنت الشقي بن كسير؟ قال: لا! إنما أنا سعيد بن جبير، قال: لأقتلنك، قال: أنا إذا كما سمتني أمي سعيداً! قال: شقيت وشقيت أمك، قال: الأمر ليس إليك، ثم قال: اضربوا عنقه، فقال: دعوني أصلي ركعتين، قال: وجهوه إلى قبلة النصارى، قال: " فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ " [البقرة: 115] قال: إني أستعيذ منك بما استعاذت به مريم، قال: وما عاذت به؟ قال: قالت: " إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً " [مريم: 17] قال سفيان: لم يقتل بعده إلا واحداً.

وفي رواية أنه قال له: لأبدلنك بالدنيا ناراً تلظى، قال: لو علمت أن ذلك بيدك لاتخذتك إلهاً.

وفي رواية: أنه لما أراد قتله قال: وجهوه إلى قبلة النصارى، فقال: " فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ " فقال: اجلدوا به الأرض، فقال: " مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى " [طه: 55] فقال: اذبح فما أنزعه لآيات الله منذ اليوم. فقال: اللهم لا تسلطه على أحد بعدي.

وقد ذكر أبو نعيم هنا كلاماً كثيراً في مقتل سعيد ابن جبير أحسنه هذا، والله أعلم.

وقد ذكرنا صفة مقتله إياه، وقد رويت آثار غريبة في صفة مقتله، أكثرها لا يصح.ا. هـ.

ومن كان لديه إضافةٌ على ما ذكرنا فليضعه، وجزاهُ اللهُ خيراً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير