[مناقشة الدكتور عمراني الحنشي في تضعيف حديث ابي ذر في البخاري عن سجود الشمس]
ـ[زياد آل قيس]ــــــــ[21 - 01 - 04, 11:25 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة في إثبات صحة إسناد
حديث "سجود الشمس"
في الصحيحين
و بيان مجازفة
الدكتور عمراني الحنشي
بتضعيفه
كتبها الضعيف زياد القيسي، غفر الله له
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة والسلام على الهادي الأمين و آله و صحبه الغر الميامين ..
و بعد ..
فهذه تعليقات على ما كتبه الدكتور محمد عمراني الحنشي في كتابه (كيف يرِد الخطأ على المفتين الكبار، الشيخ ابن باز و الشيخ العثيمين نموذجاً، الطبعة الأولى سنة 1997) حول حديث أبي ذر في الصحيحين، وغيرهما، في سجود الشمس. و قد رَد الدكتور الحديثَ بحجة أنه: "مخالف للحس و المشاهدة و لمِا ثبت من قوانين الطبيعة .. " كما أَصّل مِن قَبلُ في بداية كتابه (ص 16). و بناءً على هذا، تبنى أنه بما أن المتن مدخول معلول، فلا بد من وجود أمر قادح في السند .. و بدا مستعداً لأن يَرُدّ الحديث سواء أتبين له هذا القادح أم لا. فجمَع طرقَ الحديث بحثاً عما يقدَح في كلٍ منها، و تكلم عليها كلامَ متعجّلٍ، و إن أصاب في معظمها لوضوح الطعون في الرواة عموماً. و لن أناقش كلامه في أسانيد الروايات خارج الصحيحين، و لكن أشير إلى نموذج من تسرعه في الحكم، أو فلنَقُل: عدم توضيح اشكالات ترَكها معلقة أمام القارئ.
ذكر الدكتور (ص 20) رواية ابن جرير من طريق لم يَبدُ له فيه مَطعَن سوى راو اسمه (عمر بن صبيح أبو عمر البلخي) يروي عن مقاتل بن حيان. فحَكم على المتن بالوضع لأن آفته هذا الراوي. و نقل من كتب الرجال أقوالَ العلماء في (عمر بن صبح أبو نعيم الخراساني التيمي العدوي) .. ووضع علامة (؟) إشارة إلى الاختلاف في الكُنية و النسب، فهذا الذي في الكتب: أبو نعيم الخراساني، وذاك الذي في السند:أبو عمر البلخي .. !
المهم يبدو أن الدكتور يخاطب و يبحث عن جمهور من القراء ممن لهم مجرد معرفة سطحية بمصطلحات علوم الحديث، فلذا لم يكلف نفسَه عناء بيان لماذا أبو عمر البلخي هو أبو نعيم الخراساني في نظره.
و الذي يدعوني إلى تجاوز هذه النقطة: ذِكرُ مقاتل بن حيان في مشايخ أبو نعيم الخراساني كذلك، فلعل أبو نعيم حقاً هو أبو عمر البلخي؟
إنما أردت ذكر إشكال واحد من اشكالات عديدة مر عليها الدكتور مرور الكرام ..
والدكتور ذو جرأة على تضعيف أي سند، ولو كان في الصحيحين، لمجرد أن خالف ما يراه هو أنه غير مقبول علميا .. فحديث سجود الشمس، بنظره، ربما كان مقبولاً قبل معرفة دوران الأرض و جريان الشمس .. أما اليوم، و بنظر الدكتور، فالحديث يخالف القطعيَ مِن العلوم الكونية، فيُستدل بهذا على استحالة صدوره عن الصادق المصدوق، صلى الله عليه و سلم.
أما المنطلق الذي صدر عنه الدكتور فوجيه، لا شك .. لكن تطبيقه و تنزيله على هذا الحديث الذي اتفق عليه الشيخان و رواه غيرهما كذلك، غير مسلَّم به من وجهين .. أولاً: من حيث السند، فإن الدكتور لم يحالفه التوفيق ولا الصواب فيما ذهب إليه من تضعيفه .. ثانياً: من حيث التفسير العلمي لمدلول الحديث، فبيُسرٍ و سهولة نقول: سجودٌ، الله به عليم .. وإلا فكيف يسجد الشجر و الحجر و الداوب و النجم و القمر؟ و كل ذلك في صريح الكتاب .. فالله تعالى يقول ((ألم تر أن الله يسجد له من في السموات و من في الأرض و الشمس و القمر و النجوم و الجبال و الشجر و الدواب .. )) الحج 18 .. لاحظ قول الله تعالى ((ألم تر .. )) أي أنهم يسجدون سجوداً حقيقياً نحن نراه، و يستشهدنا الخالق العظيم عليه .. كيف؟ الجواب: إنه سجودٌ نؤمن به، ولا يعلم حقيقته إلا الله الذي أعلَمَنا به .. فليَسع الحديثَ و دلالتَه ما يسع هذه الآيةَ الجليلة. ومَن لم يستطع قبولَ الحديثِ فليفسَّر لنا ماهية سجود الشمس و الشجر و الجبال الوارد في الآية .. ولن يسعفه في الحالتين سوى التسليمُ و الإيمان.
و لن أطيل في هذا الجانب، فإنما كتبتُ هذه الكلمات لبيان ما أخطأ فيه الدكتور من حيث الحكم على السند الذي في الصحيحين.
فلننتقل لما نحن بصدده من نقد كلام الدكتور حول إسناد الصحيحين، و أسوق الحديثَ أولاً كما جاء في البخاري – كتاب التفسير:
¥