والحاصل أن محل الإشكال في هذا الحديث هو عروة الراوي عن عائشة رضي الله تعالى عنها هل هو ابن الزبير أو المزني؟
الذي رجحه الأئمة المعتبرون أنه المزني وهو مجهول لا يعرف، ولا يغتر بقول من قال إنه ابن الزبير، ومما يرجح هذا ما رواه أبو الحسن الدارقطني 1/ 139 قال حدثنا أبو بكر النيسابوري حدثنا عبد الرحمن بن بشر قال سمعت يحيى بن سعيد يقول وذكر له حديث الأعمش عن حبيب عن عروة فقال أما إن سفيان الثوري كان أعلم الناس بهذا زعم أن حبيبا لم يسمع من عروة شيئا. وزعم هنا بمعنى قال كما هو واضح، وهذه شهادة من ابن القطان على أن الثوري أعلم الناس بهذا الحديث.
وقال أبو داود 1/ 204: روي عن الثوري قال ما حدثنا حبيب إلا عن عروة المزني، يعني لم يحدثهم عن عروة بن الزبير بشيء.
قلت: وأكثر الحفاظ المتقدمين على عدم سماع حبيب من عروة.
قلت: فإن قال قائل أسند الترمذي رحمه الله تعالى إلى الثوري إسنادا مجملا يروي فيه مذهب سفيان رحمه الله تعالى في المسائل، وقد قال في السنن عقب حديث حبيب: وهو قول سفيان وأهل الكوفة، قالوا ليس في القبلة وضوء.
قلنا: كون الثوري رحمه الله تعالى أثبت أنه المزني شيء وكونه أخذ بهذا الحديث شيء آخر فقد يكون المزني عنده ممن تقوم به حجة، أما وأن المزني لم يعاينه النقاد المتبصرون فلا تنفعه رواية سفيان له وكم روى سفيان عن أناس مجهولين لا تقوم بهم الحجة!
2 - أما يحيى وعبد الرحمن عن سفيان الثوري عن أبي روق عن إبراهيم التيمي عن عائشة رضي الله تعالى عنها مرفوعا فهو مرسل منقطع قاله الترمذي 1/ 207 وأبو داود 1/ 201
وأما من رواه موصولا فقد وهم.
قال أبو داود كذا رواه الفريابي، أي كذا رواه الفريابي عن سفيان مرسلا كما رواه يحيى بن سعيد وابن مهدي، وقد اختلف في هذا الحديث على الثوري فرواه عنه مرسلا يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي والفريابي عند أبي داود و وكيع عند أحمد 18/ 47 وعبد الرزاق وقبيصة عند الدارقطني وخالفهم جميعا معاوية بن هشام فوصله من طريق التيمي عن أبيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها. قلت: ولو لم يكن إلا يحيى بن سعيد وابن مهدي لكفى، فكيف ومعهم وكيع والفريابي، وفي علل الترمذي لابن رجب رحمه الله تعالى 2/ 538 سأل ابن معين رحمه الله تعالى عن أصحاب الثوري أيهم أثبت؟ قال هم خمسة يحيى ووكيع وابن المبارك وابن مهدي وأبو نعيم الفضل بن دكين ... قال وأما الفريابي فدونهم ... ولما سئل عن معاوية بن هشام قال: صالح وليس بذاك.
قال أبو الحسن الدارقطني رحمه الله واختلف عنه في لفظه (أي حديث معاوية) فقال عثمان بن أبي شيبة عنه بهذا الإسناد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم وقال عثمان أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل ولا يتوضأ والله أعلم.
وروى الدارقطني رحمه الله بإسناده إلى أبي حنيفة متابعا سفيان من حديث التيمي مرسلا إلا أنه قال حفصة رضي الله عنها بدل عائشة رضي الله عنها.
قال أبو الحسن رحمه الله وإبراهيم التيمي لم يسمع من عائشة ولا من حفصة ولا أدرك زمانهما.
وقال أبو عبد الرحمن النسائي رحمه الله تعالى 1/ 128 ليس في هذا الباب حديث أحسن من هذا الحديث وإن كان مرسلا، وقد روى هذا الحديث الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة.
3 - الأعمش عن أصحابه عن عروة المزني عن عائشة رضي الله تعالى عنها فإن عروة المزني مجهول لا يعرف حاله كذا قال أهل هذا الشأن.
4 - الحجاج عن عمرو بن شعيب عن زينب السهمية عن عائشة رضي الله تعالى عنها مرفوعا، فإن زينب السهميه مجهولة لا تكاد تعرف، والأحاديث تثبت بالثقات المشاهير الذين ارتفع اسم الجهالة عنهم لا بمن مثل من ذكرنا.
قال أبو محمد عبد الرحمن بن لأبي حاتم في العلل 1/ 48
سمعت أبي وأبا زرعة في حديث حجاج بن ارطاة عن عمرو ابن شعيب عن زينب السهمية عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يتوضأ ويقبل ويصلى ولا يتوضأ فقالا الحجاج يدلس في حديثه عن الضعفاء ولا يحتج بحديثه.
قال أبو محمد رحمه الله تعالى وسمعت أبي يقول لم يصح حديث عائشة في ترك الوضوء في القبلة يعنى حديث الأعمش عن حبيب عن عروة عن عائشة، وسئل أبو زرعة عن الوضوء من القبلة فقال ان لم يصح حديث عائشة قلت به.
¥