تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عنه وفيه: أما بعد: فإنه قد بلغني أمر عظيم، فبعثت أبا موسى أميرا؛ فسلم إليه ما في يديك، والعجل. فأهدى المغيرة لأبي موسى وليدة من وليدات الطائف تدعى عقيلة، وقال له: إني قد رضيتها لك. وكانت فارهة. وارتحل المغيرة وأبو بكرة ونافع بن كلدة، وزياد، وشبل بن معبد، حتى قدموا على عمر، فجمع بينهم وبين المغيرة،

فقال المغيرة لعمر: يا أمير المؤمنين؛ سل هؤلاء الأعبد كيف رأوني مستقبلهم أو مستدبرهم،

وكيف رأوا المرأة،

وهل عرفوها،

فإن كانوا مستقبلي فكيف لم أستتر،

أو مستدبري فبأي شيء استحلوا النظر إلي على امرأتي،

والله ما أتيت إلا زوجتي، وكانت تشبهها.

فبدأ بأبي بكرة، فشهد عليه أنه رآه بين رجلي أم جميل، وهو يدخله ويخرجه كالميل في المكحلة. قال: وكيف رأيتهما؟ قال: مستدبرهما. قال: وكيف استثبت رأسها؟ قال: تحاملت حتى رأيتها. ثم دعا بشبل بن معبد، فشهد بمثل ذلك، وشهد نافع بمثل شهادة أبي بكرة؛ ولم يشهد زياد بمثل شهادتهم، ولكنه قال: رأيته جالسا بين رجلي امرأة. فرأيت قدمين مخضوبتين تخفقان، واستين مكشوفين، وسمعت حفزانا شديدا. قال: هل رأيت كالميل في المكحلة؟ قال: لا. قال: فهل تعرف المرأة؟ قال: لا، ولكن أشبهها. قال له: تنح. وأمر بالثلاثة فجلدوا الحد، وقرأ: {فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون}. قال المغيرة: اشفني من الأعبد يا أمير المؤمنين. فقال له: اسكت، أسكت الله نأمتك، أما والله لو تمت الشهادة لرجمتك بأحجارك. ورد عمر شهادة أبي بكرة، وكان يقول له: تب أقبل شهادتك، فيأبى حتى كتب عهده عند موته: هذا ما عهد به أبو بكرة نفيع بن الحارث، وهو يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وأن المغيرة بن شعبة زنى بجارية بني فلان. وحمد الله عمر حين لم يفضح المغيرة. وروي أن الثلاثة لما أدوا الشهادة على المغيرة، وتقدم زياد آخرهم قال له عمر قبل أن يشهد: إني لأراك حسن الوجه. وإني لأرجو ألا يفضح الله على يديك رجلا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. فقال ما قال. وكان ذلك أول ظهور زياد، فليته وقف على ذلك، وما زاد، ولكنه استمر حتى ختم الحال بغاية الفساد. وكان ذلك من عمر قضاء ظاهرا في رد شهادة القذفة، إذا لم تتم شهادتهم؛ وفي قبولها بعد التوبة. وقد بينا ذلك في مسائل الخلاف والأصول.

ـ[عصام البشير]ــــــــ[02 - 03 - 04, 09:14 م]ـ

يستفاد من القصة أمور منها:

1 - أن مذهب أهل السنة في الصحابة توثيقهم مطلقا، والحكم بعدالتهم، ومحبتهم والترضي عنهم، والتماس العذر لمن بدر منه ما يظن أنه خطأ أو معصية. ولهذا توارد علماء أهل السنة على تأويل القصة بما يوافق هذا الأصل المقرر عندهم.

2 - لم يثبت في القصة ما يطعن به على المغيرة ولا على أبي بكرة رضي الله عنهما. فأما الأول فأصل عدالته وشرف صحبته يجعلنا نحكم بأنه إنما أتى امرأته، وأما الثاني فإنما حكم بما رأى وعلم، ولا حرج عليه في ذلك.

3 - خطورة القذف الذي قد يتساهل فيه بعض الناس في زماننا هذا.

4 - على فرض وقوع معصية الزنا من أحد من الصحابة فليس ذلك مما يناقض الأصل المذكور آنفا، إذ ليس أحد منهم معصوما من الذنوب والمعاصي. لكنهم خير الناس في هذه الأمة، وهم حملة الشرع، ونقلة السنة، وأئمة المجاهدين والعابدين. ولكل منهم من الحسنات والمناقب ما تمحى به - بإذن الله تعالى - ذنوبه. ويكفي الواحد منهم شرف اللقاء بسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.

5 - أحكام فقهية متعددة.

والله أعلم.

ـ[المستملي]ــــــــ[03 - 03 - 04, 12:53 ص]ـ

قال ابن حجر - رحمه الله - في تلخيص الحبير: " وأفاد البلاذري: أن المرأة التي رمي بها: أم جميل بنت محجن بن الأفقم الهلالية، وقيل إن المغيرة رضي الله عنه تزوج بها سراً، وكان عمر رضي الله عنه لا يجيز نكاح السر، ويوجب الحد على فاعله، فلهذا سكت المغيرة، وهذا لم أره منقولاً بإسناد، وإن صح كان عذراً حسناً لهذا الصحابي ".

ـ[محمد الأمين]ــــــــ[30 - 05 - 04, 04:03 ص]ـ

هذا عذر أقبح من ذنب، كما يقال! على كل حال فأم جميل قد ذكروا أنها كانت متزوجة، فهذا يبعد احتمال ما ذكره ابن حجر.

ـ[المستفيد7]ــــــــ[31 - 05 - 04, 08:10 م]ـ

لم يثبت في القصة ما يطعن على المغيرة بن شعبة رضي الله عنه لامور:

1 - كونه قد نال شرف الصحبة رضي الله عنه وهذه منزلة لا يقدح فيها بالظن فمن ثبتت ثقته بيقين فانها لا تزول بالشك.

فهذا هو الاصل الاول.

2 - الاصل الثاني الثابت: ان من في بيت الرجل انما هي امراته لا غيرها ولاسيما وقد ذكر ان المتهم بها تشبه امراته فكيف يزول هذا اليقين بالشك.

3 - ان ابا بكرة والمغيرة رضي الله عنهما كانا متجاورين فلو كانت المراة تغشى المغيرة في منزله لكان الاتهام بذلك اوضح من الاتهام بامر خفي او على الاقل لذكر ابو بكرة ورضي الله عنه هذا الامر من مؤكدات اتهامه.

4 - ما بين ابي بكرة والمغيرة رضي الله عنه من النفرة.فهذا مع ما سبق يؤكد براءة ساحة المغيرة رضي الله عنه.

وسبحان الله العظيم فالحب والبغض له اثر عظيم في نظرة الانسان وتصوره وقد قيل:

وعين الرضا عن كل عيب كليلة ... كما ان عين السخط تبدي المساويا.

ولذلك قال اهل العلم كلام الاقران لايقبل في بعض.

ولايقدح ذلك البتة في ابي بكرة رضي الله عنه فهو انما حكم بما يعتقده وبما هو متاكد منه في قرارة نفسه ولذلك اصر على موقفه حتى بعد جلده رضي الله عنه وارضاه.

وايضا لم يقدح كلام الائمة الكبار - ممن شهدت الامة بثقتهم وعدالتهم ومتانة دينهم بل وبعضهم من ائمة الجرح والتعديل - لم يقدح كلامهم في بعض اقرانهم في ثقتهم وعدالتهم.

ولم يقدح في الامام مالك كلامه في ابن اسحاق وكذاغيره في غيره.

وقبل ذلك وبعده فهذه قضية عين لها ملابساتها وعدالة الصحابة وثقتهم

ثابتة بيقين فلاتزول بالشك.

وقدوتنا اهل العلم من اهل السنة والجماعة مازالوا يروون عن هذين الصحابيين رضي الله عنهما فهذا دليل على انه لا اعتبار عندهم بما قد يفهمه البعض من هذه القصة.

والله اعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير