تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: ورجاله ثقات معروفون، غير عمة سعد، واسمها زينب بنت كعب بن عجرة، روى عنها ابنا أخويها: سعد بن إسحاق، وسليمان بن محمد ابنا كعب بن عجرة. وذكرها ابن حبان فى ((الثقات)). وهى زوجة أبى سعيد الخدرى، وذكرها ابن الأثير وابن فتحون فى ((الصحابة)). وقال ابن حزم: ((مجهولة))، كما فى ((الميزان)) للذهبى وأقرَّه، ومع ذلك وافق الحاكم على تصحيحه)) اهـ.

وأقول: فالألبانى هاهنا يعتمد تصحيح ابن حبان والحاكم، على أن زينب بنت كعب بن عجرة لم يوثقها إلا ابن حبان وحده!. فإن قيل: إنما وثقها الألبانى لكونها صحابية، وشهرة الصحابيات واستفاضة الثقة بهن قاضية برفع الجهالة وإثبات توثيقهن، فلا يحتاج عندئذ إلى توثيق ابن حبان أو غيره.

فأقول: لو كان هذا صحيحاً، فلماذا ذكر توثيق ابن حبان إياها، وذكر عقبه قول ابن حزم: مجهولة؟. وأجيب: ذلك لقوة الخلاف فى إثبات الصحبة لها، فالأكثرون على أنها تابعية. والحافظ ابن حجر نفسه الذى اعتمد عليه الألبانى فيما نقله عن ابن عبد البر وابن فتحون من القول بصحبتها فى ((تهذيب التهذيب)) (12/ 451/28024)، قال فى ((تقريب التهذيب)) (2/ 600): ((مقبولة من الثانية ويقال: لها صحبة)).

فقوله ((مقبولة من الثانية)) يعنى جزمه بتابعيتها، إذ لا يقال فى صحابية ((مقبولة))، والصحابة عند ابن حجر كلهم فى ((الطبقة الأولى))، وأما الثانية فهى طبقة كبار التابعين، كابن المسيب، وقيس ابن أبى حازم، وأبى عثمان النهدى، وأبى وائل شقيق بن سلمة من الرجال، وكخيرة أم الحسن البصرى وصفية بنت أبى عبيد، وأم بلال بنت هلال الأسدية من النساء.

وقال أبو زكريا النووى ((تهذيب الأسماء)) (2/ 613): ((زينب بنت كعب بن عجرة. مذكورة فى باب المعتدة من ((المهذب)). وهى تابعية. تروى عن الفريعة بنت مالك. يروى عنها: ابن أخيها سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة)).

كما أشار الحافظ الذهبى إلى تابعيتها فى ((الكاشف)) (2/ 508) بقوله: ((وثقت))، فلو كانت صحابية ما قالها. ولهذا لما نقل قول ابن حزم ((مجهولة)) فى ((الميزان)) لم يتعقبه بشئٍ.

والخلاصة، فإن زينب بنت كعب بن عجرة تابعية على الأرجح، وإنما اعتمد الحفاظ تصحيح حديثها لتوثيق ابن حبان إياها، ولهذا ذكره الشيخ الألبانى فى معرض الاحتجاج لقبول حديثها دفعاً لتجهيل ابن حزم إياها، وإنما منعه من التصريح بقبول توثيق ابن حبان تمسكه بقاعدته ((توثيق ابن حبان لا يُعتمد لتساهله فى توثيق المجاهيل))!.

وأما القول بتضعيف الحافظ ابن حجر لحكيمة أم حكيم، لمقاله عنها ((مقبولة))، فهو خطأ صدر عن عدم معرفة دلالة هذا المصطلح لدى الحافظ، والمدققين العارفين بمعانى مصطلحاته فى كتابه الفذ ((تقريب التهذيب))، سيما وقد وصف به جمع من الثقات الذين احتج بهم الشيخان فى ((الصحيحين))، وعدتهم مائة وخمسة من الرواة، وقد بيَّنته بياناً شافياً فى كتابى ((المنهج المأمول ببيان معنى قول ابن حجر مقبول)).

[تنبيه واجب] هذا المقال ((توثيق ابن حبان لا يُعتمد لتساهله فى توثيق المجاهيل))، صار كالقاعدة التى لا يجوز الخروج عليها عند أكثر فضلاء الوقت من أهل الحديث!!. ولنا عليه تعقيبات وردود ومؤاخذات، فيها تفصيل طويل وبيان واسع، سيأتى إيضاحه بتوفيق الله وعونه.

[تنبيه ثان] تأويل مصطلح الحافظ ابن حجر البديع المثال ((مقبول))، محمول عند أكثر فضلاء الوقت من أهل الحديث على معنى التضعيف ما لم يتابع الراوى، كقولهم: وقوله ((مقبول)) يعنى عند المتابعة وإلا فلين الحديث، ولا يُحمل عند أكثرهم على أنه أحد مراتب التوثيق مطلقاً عند الحافظ واضع هذا المصطلح، وأعرف الناس بدلالته. ولنا فى هذا بيان واسع مذكور فى ((المنهج المأمول ببيان معنى قول ابن حجر مقبول)).

والله أسأله العفو عن الخطأ والزلات، وآخر دعوانا أن الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات.

ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[22 - 03 - 04, 12:55 م]ـ

جزى الله الشيخ أبا محمد خير الجزاء على هذا البحث النافع

والحديث الذي تفضلت سلمك الله بتخريجه وبيان طرقه يحتاج كذلك إلى إجابة عما ذكره أهل العلم من اعتراضات على تصحيحه من ناحية الإسناد والمتن

فقد أعله الإمام البخاري رحمه الله في التاريخ الكبير (1\ 161) حيث قال (ولا يتابع في هذا الحديث لما وقت النبي صلى الله عليه وسلم ذا الحليفة والجحفة، واختار أن أهل النبي صلى الله عليه وسلم من ي الحليفة)

فهذا اعتراض من الإمام البخاري رحمه الله على الحديث من ناحية المتن

وقد أعله المنذري في مختصر السنن بالإضطراب حيث قال (اختلف الرواة في متنه وإسناده اختلافا كثيرا)

وقال ابن القيم في زاد المعاد (3\ 267) (حديث لايثبت اضطرب في متنه وإسناده اضطرابا شديا)

فلعل الشيخ حفظه الله يفيدنا حول هذه الأمور.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير