تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والحق أن طرقه كلها ضعيفة، وإن كان حديث ابن عباس يقرب من شرط الحسن، إلا أنه شاذ لشدة الفردية فيه، وعدم المتابع والشاهد من وجه معتبر، ومخالفة هيئتها لهيئة باقي الصلوات، وموسى بن عبد العزيز وإن كان صادقاً صالحاً، فلا يحتمل منه هذا التفرد. وقد ضعَّفها ابن تيمية والمزي، وتوقف الذهبي، حكاه ابن عبد الهادي عنهم في ((أحكامه)) وقد اختلف كلام الشيخ محيي الدين النووى، فوهاها في ((شرح المهذب) فقال: حديثها ضعيف، وفي استحبابها عندي نظر لأن فيها تغييراً لهيئة الصلاة)).

وقال أبو محمد بن قدامة المقدسى فى ((المغني)) (1/ 437): ((فصل: فأما صلاة التسبيح، فإن أحمد قال: ما تعجبني، قيل له: لم؟، قال: ليس فيها شيء يصح، ونفض يده كالمنكر)).

وقال العجلونى ((كشف الخفاء)) (2/ 566): ((وباب صلاة التسبيح لم يصح فيه حديث)).

فإن قيل: إنَّ أبا بكر بن خزيمة قد أودعه ((صحيحه))، واحتجَّ به!.

قلنا: وإن ذكره إمام الأئمة فى ((صحيحه))، فإنه لم يحتج به، فقد قال عقبه: ((إن صح الخبر، فإن في القلب من هذا الإسناد شيء)).

ونزيدك إيضاحاً بأن أبا بكر بن خزيمة قد أخرج جملةً من الأحاديث الضعاف منبهاً على ما بها من ضعفٍ ليدفع عن نفسه معرة ذكرها فى ((صحيحه) ومن أوضح الأمثلة لهذا الصنيع:

(الأول) ما أخرجه (1/ 71/137) من طريق محمد بن إسحاق قال ذكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم: ((فضل الصلاة التي يستاك لها على الصلاة التي لا يستاك لها سبعين ضعفا)).

وعقَّبه أبو بكر بقوله: ((إن صحَّ الخبر، وأنا استثنيت صحة هذا الخبر؛ لأني خائف أن يكون محمد بن إسحاق لم يسمع من محمد بن مسلم، وإنما دلَّسه عنه)).

(الثانى) ما أخرجه (1/ 203/388) من طريق حجاج بن أرطأة عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال: رأيت بلالا يؤذن، وقد جعل أصبعه في اليسرى، وهو يلتوي في أذانه، يمينا وشمالاً.

وقال أبو بكر قبل إيراده إيَّاه: ((إن صح الخبر، فإن هذه اللفظة لست أحفظها إلا عن حجاج بن أرطاة، ولست أفهم: أسمع الحجاج هذا الخبر من عون بن أبي جحيفة أم لا؟، فأشك في صحة هذا الخبر لهذه العلة)).

(الثالث) ما أخرجه (2/ 181/1144) من طريق عمرو بن الحارث أن أبا سويَّة حدثه أنه سمع ابن حجيرة يخبر عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قرأ بألف آية كتب من المقنطرين)).

وقال أبو بكر قبل إيراده: ((إن صحَّ الخبر، فإني لا أعرف أبا سوية بعدالة ولا جرح)).

(الرابع) ما أخرجه (2/ 359/1464) من طريق عثمان بن المغيرة عن إياس بن أبي رملة أنَّه شهد معاوية وسأل زيد بن أرقم: شهدت مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلم عيدين اجتمعا في يومٍ؟، قال: نعم، صلَّى العيد في أول النهار، ثم رخص في الجمعة، فقال: من شاء أن يجمع فليجمع.

وقال أبو بكر قبل إيراده: ((إن صحَّ الخبر، فإني لا أعرف إياس بن أبي رملة بعدالةٍ ولا جرحٍ)).

(الخامس) ما أخرجه (4/ 74/2379) من طريق أشعث بن سوار عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال: بعث رسول الله صلَّى الله عليه وسلم رجلاً ساعياً على الصدقة، وأمره أن يأخذ من الأغنياء فيقسمه على الفقراء، فأمر لي بقلوص.

وقال أبو بكر قبل إيراده إيَّاه: ((إن صحَّ الخبر، فإن في القلب من أشعث بن سوار، وإن لم يثبت هذا الخبر، فخبر ابن عباس في أمر النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم معاذاً بأخذ الصدقة من أغنياء أهل اليمن وقسمها في فقرائهم أثبت وأصحَّ من هذا الخبر)).

(السادس) ما أخرجه (4/ 155/2579) من طريق الأوزاعي ثنا عبد الله بن عامر ثنا نافع عن ابن عمر عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم قال: ((من أهدى تطوعا ثم ضلت، فإن شاء أبدلها وإن شاء ترك، وإن كانت في نذر فليبدل)).

وقال أبو بكر قبل إيراده إيَّاه: ((إن صحَّ الخبر، ولا أخال، فإن في القلب من عبد الله بن عامر الأسلمي)).

فهذه النماذج المذكورة دالةٌ على المقصود بهذا البيان، ورافعة لإشكال ذكر هذا الحديث المنكر فى ((صحيح ابن خزيمة)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير