تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والتنبيه لا على كونهما واحدا أو اثنين؛ إنما لإيضاح تفرقة البخاري بينه و بين راوي حديثنا)) اهـ.

وأقول: أراك خطَّأتَ قولى، وصوَّبتَ فعلى، وعتابى لك أنك أطلت فى بيان الخطأ ـ وليس به ـ، ولكنك أوجزت فى تصويب الفعل، واكتفيت بقولك: ((فرَّق بينهما البخارى، وجمع بينهما ابن أبى حاتم))، وهو الصواب الذى أعتقده، وأقطع بصحته.

وأظنك وقَّاد الفهم، ريَّان العلم، ولا يخفاك حسن الأدب مع الأئمة الرفعاء، ورأسهم سيد المحدثين وتاج العارفين: أبو عبد الله البخارى. وصنيعى هكذا مستحسن، لجملة اعتبارات:

(الأول) لكى لا يقال: خطَّاتَ قول إمامين، وصوَّبتَ قولَ إمامٍ واحد. ولا يخفاك ما فى هذا من سوء الأدب مع إمامى المحدثين: البخارى ومسلم. ولو شئتُ لصغتُ العبارةَ هكذا:

ذكره البخارى ((الكنى)) (1/ 45/385) قال: ((أبو طلحة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كل بناء وبال على صاحبه الا كذا وكذا يعني ما لا بد منه)). قاله أحمد بن أبي عتاب عن الأسود بن عامر نا شريك عن عبد الملك بن عمير عن أبي طلحة)).

وقال فى الترجمة التى قبلها (1/ 45/384): ((أبو طلحة الأسدي سمع أنسا. روى عنه: أبو العميس والركين. وسمع ابن عباس)).

فجعلما اثنين، والصواب أنهما واحد، كما فعل ابن أبى حاتم فى ((الجرح والتعديل)) (9/ 396/1885) فقال: ((أبو طلحة الأسدي روى عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كل بناء وبال على صاحبه)) روى عنه: إبراهيم بن محمد بن حاطب، وأبو العميس، وروى شريك عن عبد الملك عنه. سمعت أبى يقول ذلك)).

هكذا كان يمكننى صياغة العبارة، وهذا من أكثر ما يقع فى كلام فضلاء الوقت، وأنا لا أستحبه ولا استملحه، لأن فيه من توسيع دوائر الخطأ والاستدراك على كبراء أئمتنا ما لا يخفى على العقلاء الأوفياء لحق أئمتنا وكبراء علمائنا، ورأسهم إماما المحدثين: البخارى ومسلم.

(الثانى) لا أظن أحداً يفهم من قولى: وذكرا ـ أعنى البخارى وأبا حاتم ـ ممن روى عنه: إبراهيم بن محمد بن حاطب القرشي، وأبو العميس عتبة بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود، الركين بن الربيع بن عميلة الفزاري، وعبد الملك بن عمير. أن كلَّ واحدٍ منهما ذكر هؤلاء الرواة فى ترجمته كما فهمتَهُ، بل الواضح البين أن معرفة هؤلاء الرواة الأربعة مستفاد من الترجمتين معاً، وليس من كل واحدةٍ على حدة. وإنما جمعتهما هكذا للاعتبار السالف الذكر.

(الثالث) أردت بالإضافة إلى ما سبق، نفى الجهالة العينية عن أبى طلحة الأسدى، ليخرج بذلك عن مرتبة ((المجهول)) إلى مرتبة ((المستور)). ولا يخفاك أن الخلاف فى توثيق المجهول والاحتجاج به واسع منتشر، وليس الأمر كذلك فى ((المستور))، إذ الأكثر على توثيقه والرضا بحاله.

قلتَ: ((الثالث: في نسبة تضعيف الحديث إلى الألباني وعزو ذلك إلى الضعيفة ((رقم 172)) بعض النظر، فإن الشيخ تراجع عنه في نشرة سنة 1412، وفيها قوله عن رواية أبي داود: (تبين فيما بعد أنه جيد، كما قال الحافظ العراقي، فنقلته الى الصحيحة 2830 - الأصل 8830). والشيخ أبو محمد معذورٌ في هذا بلا ريب، فليس كل أحد في مقدوره مراجعة طبعات الصحيحة أو الضعيفة، اللهم إلا من تفرغ لمثل هذا العمل. و إنما نبهت عليه للفائدة لا غير)) اهـ.

وأقول: جزاك الله خيراً

(أولاً) على إيضاحِك تراجع الشيخ الألبانى عن تضعيفه للحديث، ونقله إيَّاه إلى ((الصحيحة))، ووالذى نفسى بيده قد خفى عليَّ ذلك، ولو علمتُه ما سمحت نفسى بنقل ما حكيته من تضعيف الشيخ للحديث، وأنا أقطع وأجزم بأن الشيخ ـ طيَّب الله ثراه وجعل الجنة مستقره ومأواه ـ هو علامةُ أهل الحديث بديار الشام، بل وديار الإسلام، ولا تحسبنَّ أنك أكثر حبَّاً للشيخ منى، فكم تطفل مثلى ومثلك على مأدبة الشيخ الحافلة، فلا يجحد الفضلَ لذوى الفضل إلا الجهلاءً!. فكتب الألبانى على أكف القبول مرفوعة، وفى طياتها علوم الحديث مبثوثة لا مقطوعة، ولا ممنوعة. ولقد كتبتً ترجمةً عن الشيخ ـ طيَّب الله ثراه ـ أطلت فيها الكلام على منزلته، ومكانته، وفضله، ومآثره، وستنشر بهذا الملتقى قريباً إن شاء الله تعالى.

(ثانياً) على اعتذارك عنى، وهكذا فليكن حسن الظن. وقد أثلجت صدرى حين أعلمتنى بتصحيح الشيخ الألبانى لهذا الحديث. وفى ذلك تنبيه لقرَّاء هذه المطارحة، أن الاتفاق بيننا حاصل من حيث الإجمال، وإنما الاختلاف فى تفصيل الأركان والحواشى.

هذا ما قيدتُه الآن، وسأجيبُك إن شاء الله تعالى عن إعلال المتابعة التى ذهبتُ إلى تقويتها. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[28 - 03 - 04, 12:20 م]ـ

الرسالة الأصلية كتبت بواسطة عبدالرحمن الفقيه

جزاكم الله خيرا جميعا، والقصد هو المباحثة والفائدة، وقد استفدنا ولله الحمد مما تفضلتم به.

الأخ الحبيب الشيخ / عبد الرحمن الفقيه

وجزاكم الله وأثابكم أخى الحبيب. ووالذى نفسى بيده، أنا أكثر من استفاد وممن سيستفيد من مطارحات الأخ الفاضل / أبو تيميه. ولو وسعنى صدره، لكان الخير عميماً، والثواب جزيلاً.

وهذه أول جواباتى عما أبداه، ولنا فى البحث بقية بتوفيق الله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير