(2) وإن كان لمقال الحافظ ابن حجر عنه: ((صدوق له أوهام))، فقد قال إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد: سألت يحيى بن معين عن مهدي بن جعفر الرملي فقال: ثقة لا بأس به. وقال أبو أحمد علي بن محمد الحبيبي: سألت أبا علي صالح بن محمد جزرة الحافظ عن مهدي بن جعفر الرملي فقال: لا بأس به.
(3) وإن كان لمقال الإمام البخارى عنه كما نقله الحافظ الذهبى ((المغنى فى الضعفاء)): ((له حديث منكر))، فهذه أقوى الثلاث، سيما وقائلها إمام أئمة الجرح والتعديل: أبو عبد الله البخارى. لكن ما دلالتها؟، إنها تعنى الحكم على حديثٍ بخصوصه من جملة أحاديثه بأنَّه منكر، ولا تعنى أن مهدى ((منكر الحديث)).
ودعنى أسألك، لو نظرت مثلاً فيما أخرجه عبد الله بن أحمد فى ((زوائد المسند)) (1/ 248) قال: وجدت في كتاب أبي بخط يده: حدثنا مهدي بن جعفر الرملي حدثنا الوليد يعني ابن مسلم عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((اسْمَحْ يُسْمَحْ لَكَ)). فهل تحكم عليه بأنه منكر؟.
فالذى أجزم به ولا أشك فيه: أن مهدى بن جعفر الرملى ثقة لا بأس به كما قاله أبو زكريا يحيى بن معين.
وأما النظر فى بكر بن سهل الدمياطى المصرى، فهكذا دائماً لا يوفَّى محدثو مصر حقَّهم من التقدير، ويحضرنى قول إمامنا أبى عبد الله الشافعى: الليث بن سعد أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا به. وقال يونس بن عبد الأعلى سمعت الشافعي يقول: ما فاتني أحد فأسفت عليه ما أسفت على الليث وابن أبي ذئب. وقال أبو زرعة سمعت يحيى بن بكير يقول: الليث أفقه من مالك، ولكن كانت الحظوة لمالك. فمحدثو مصر حفدة عمرو بن العاص السهمى. وتلامذة الليث بن سعدٍ الفهمى.
وكذلك بكر بن سهل الدمياطى، فوالله لو قلتُ: أنه أروى أهل طبقته عن عبد الله بن يوسف التنيسى، ومهدى بن جعفر وغيرهم من المصريين ما كنت حانثاً، وأما تضعيف أبو عبد الرحمن النسائى إيَّاه، فهل علمت أنه ضعَّف الثبت الثقة أبا جعفر أحمد بن صالح المصرى المعروف بابن الطبرى، والذى أجمعوا على جلالته وإمامته، حتى قال الإمام الحجة محمد بن مسلم بن وارة: أحمد بن حنبل ببغداد، والنفيلى بحران، وابن نمير بالكوفة، وأحمد بن صالح بمصر هؤلاء أركان الدين. وثناء الأئمة عليه لا يخفاك، وهو كما قال البخاري: ثقة ما رأيت أحداً يتكلم فيه بحجة. فهل تقبل قول النسائى فيه. فإن لم تقبله، فكذلك قوله عن بكر بن سهل الدمياطى المصرى لا ينبغى قبوله.
قلت: ((فظهر أن الضعف كامنٌ فيها من جهتين، من جهة مهدي بن جعفر، ومن جهة الراوي عنه بكر بن سهل. والأخرى سالمة من ذلك، والعباس لروايته عن الوليد بعض المزية)) اهـ
وأقول: هذه العبارة مشوشة جداً، ولى عليها مؤاخذات:
(الأولى) أىَّ ضعفٍ تعنى، ألقولك ((بكر بن سهل متكلم فيه))، فهل تعد هذا ضعفاً؟!!. أم لقولك ((مهدي بن جعفر له مناكير))، فلم تقم عليه دليلاً. بل كلاهما ثقة لا بأس به، على ما أسلفنا بيانه.
(الثانية) كيف تقول عن الرواية الثانية ((والأخرى سالمة من الضعف))، وأنت تقر بأن راويها عيسى بن عبد الأعلى الفروى لا يحتج به، وتنقل عن الحافظ الذهبي قوله ((ميزان الاعتدال)): ((عيسى بن عبد الأعلى بن أبي فروة القروي المدني لا يكاد يعرف. روى الوليد بن مسلم عنه فقط عن عبيد الله بن عبد الله بن موهب عن أبي هريرة في ((صلاة العيد في المسجد يوم المطر)). وهذا حديث فرد منكر. وقال ابن القطان: لا أعلم عيسى هذا مذكورا في شيء من كتب الرجال ولا هذا الإسناد))!!. فأين السلامة إذن؟!.
أخى الفاضل أبو تيميه. لا زالت المطارحة بيننا موصولة. بارك الله عملك، وزكَّى فعلك وقولك. وتحياتى لك وسلام الله عليك.
ـ[المستكشف]ــــــــ[29 - 03 - 04, 02:28 م]ـ
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، وجزاك الله خيرا فضيلة الشيخ الكريم، وإنما نشارك معكم في الأجر والفائدة، لا لشيء آخر.
*********************
تابع: [وقفات مع المحدث الألباني ودراسته لحديث (كل بناء وبال ... ) وبيان مسوغات تراجعه عن التضعيف إلى التصحيح]
أخي القارئ: تقدم ذكر تضعيف المحدث الألباني ـ رحمه الله تعالى ـ لهذا الحديث قديما،
¥