قلت: وهو كما قالا، وهو المحفوظ، وله حكم الرفع.
وقد توبع سفيان على وقفه، فقد تابعه عرفجة بن عبدالواحد، عن عاصم، به.
أخرجه النسائي في " عمل اليوم والليلة " (433/ 711)، والطبراني في " المعجم الكبير " (10/ 142 / 10254)، وفي " المعجم الأوسط " (6/ 212 / 6212)، والبيهقي في " السنن الكبرى " (6/ 179).
و عرفجة هذا حسن الحديث؛ فقد روى عنه ثقتان، ووثقه ابن حبان، فمثله يُحسن حديثه , والله أعلم.
وله طريق أخرى:
فقد أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (3/ 378 / 6024)، ومن طريقه الطبراني في " المعجم الكبير " (9/ 131 / 8650)، عن معمر، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود.
وإسناده ضعيف؛ فإن أبا إسحاق هو السبيعي، وهو مدلس، ولم يصرح بالسماع.
ثانياً: حديث ابن عباس.
أخرجه الترمذي (5/ 164 / 2890)، والطبراني (12/ 174 / 12801)، وأبونعيم في " الحلية " (3/ 81)، وابن نصر (66) – كما في " الصحيحة " (1140) –، وابن عدي في " الكامل " (7/ 205)، والبيهقي في " الشعب " (2/ 495 / 2510)، وفي " الدلائل " (7/ 41)، والمزي في " تهذيب الكمال " (19/ 560).
من طريق يحيى بن عمرو بن مالك النكري، عن أبيه، عن أبي الجوزاء، عن بن عباس، قال: ضرب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خباءه على قبر، وهو لا يحسب أنه قبر، فإذا فيه إنسان يقرأ سورة: {تبارك الذي بيده الملك} حتى ختمها، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! إني ضربت خبائي على قبر، وأنا لا أحسب أنه قبر، فإذا فيه إنسان يقرأ سورة: {تبارك الذي بيده الملك} حتى ختمها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هي المانعة، هي المنجية، تنجيه من عذاب القبر ".
قال الترمذي: " حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه ".
وقال أبونعيم: " غريب من حديث أبي الجوزاء، لم نكتبه مرفوعاً مجوداً إلا من حديث يحيى بن عمرو عن أبيه ".
قلت: يحيى بن عمرو قال أحمد: " ليس هذا بشيء "، وضعفه ابن معين، وأبوزرعة، والنسائي، وغيرهم، وقال العقيلي: " لا يتابع على حديثه "، وذكر الذهبي في " الميزان " (7/ 208) هذا الحديث من مناكيره.
ثالثاً: حديث أنس.
رواه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " – كما في " تفسير ابن كثير " (8/ 151، 152) –، من طريق الفرات بن السائب، عن الزهري، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن رجلاً ممن كان قبلكم مات وليس معه شيء من كتاب الله إلا {تبارك}، فلما وضع في حفرته أتاه الملك، فثارت السورة في وجهه، فقال لها: إنك من كتاب الله، وأنا أكره مساءتك، وإني لا أملك لك ولا له ولا لنفسي ضراً ولا نفعاً، فإن أردت هذا به فانطلقي إلى الرب تبارك وتعالى فاشفعي له، فتنطلق إلى الرب، فتقول: يا رب! إن فلاناً عمد إلي ما بين كتابك فتعلمني وتلاني أفتحرقه أنت بالنار وتعذبه وأنا في جوفه؟ فإن كنت فاعلاً ذاك به فامحني من كتابك، فيقول: ألا أراك غضبت، فتقول: وحق لي أن أغضب، فيقول: اذهبي فقد وهبته لك وشفعتك فيه، قال: فتجيء، فيخرج الملك، فيخرج كاسف البال لم يحل منه بشيء، قال: فتجيء فتضع فاها على فيه، فتقول: مرحباً بهذا الفم، فربما تلاني، ومرحباً بهذا الصدر، فربما وعاني، ومرحباً بهاتين القدمين فربما قامتا بي، وتؤنسه في قبره مخافة الوحشة عليه ".
قال: فلما حدث بهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لم يبق صغير ولا كبير ولا حر ولا عبد إلا تعلمها، وسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم المنجية.
قال ابن كثير: " وهذا حديث منكر جداً ".
قلت: الفرات بن السائب، قال فيه البخاري: " منكر الحديث "، وقال ابن معين: " ليس بشيء ".
ويظهر على الحديث آمرات الوضع، والله أعلم.
والخلاصة: أن الحديث لم يصح إلا موقوفاً على ابن مسعود، وله الحكم الرفع.
والله أعلم، والحمد لله أولاً وأخراً وظاهراً وباطناً.
وكتب / أبوالمنهال محمد بن عبده آل محمد الأبيضي.
ـ[أبو المنهال الأبيضي]ــــــــ[07 - 04 - 04, 10:59 م]ـ
حاشية:
قول الترمذي، وقع في المطوبعة بزيادة قوله: " حسن "، وكذا نقله القرطبي في " التذكار " (ص 280)!
¥