هذا ما وقفت عليه من الاختلاف على أبي إسحاق، والله أعلم.
الحكم على الحديث:
تقدم في التخريج أنه اختلف عن أبي إسحاق على أربعة عشر وجهاً، وقد جُعل هذا الحديث مثالٌ للمضطرب كما تقدم.
قال البزار: "والأخبار مضطربة أسانيدها عن أبي إسحاق".
وتوقف البخاري فيه – كما تقدم النقل عنه -.
وقال ابن حجر في المطالب العالية – لما ذكر رواية أبي الأحوص المرسلة -:"هذا مرسل صحيح إلا أنه موصوف بالاضطراب"، بل نقل حمزة السهمي في سؤالاته للدارقطني عنه قوله: ((شيبتني هود والواقعة)) معتلة كلها) ص 76.
و سكت الدارقطني في العلل ولم يرجح بين هذه الأوجه بعد أن استقصاها وخرّج رواياتها، سوى أنه رجح في الاختلاف على إسرائيل رواية الإرسال بين عكرمة وأبي بكر حيث قال: "وهو الصواب عن إسرائيل".
وأما أبو حاتم فقد رجح في هذه المسألة رواية الإرسال حيث قال:"مرسل أصح".
والحديث مضطرب، فهو ضعيف والعلم عند الله.
وللحديث شواهد عدة:
(1) حديث عقبة بن عامر: أن رجلاً قال: يا رسول الله شبت؟ قال: ((شيبتني هود وأخواتها)).
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 17/ 286 رقم 790 قال: حدثنا محمد بن محمد النمار البصري، قال: حدثنا أبو الوليد، قال: حدثنا ليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة به.
قال الهيثمي: "رجاله رجال الصحيح ".
وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات، وشيخ الطبراني ذكره ابن حبان في الثقات وقال: "ربما أخطأ". (انظر: الثقات 9/ 153، ولسان الميزان 5/ 358).
(2) حديث أبي سعيد الخدري ? قال: قال عمر بن الخطاب: يا رسول الله – ? – أسرع إليك الشيب؟ فقال: ((شيبتني هود وأخواتها: الواقعة، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت)).
أخرجه البيهقي في دلائل النبوة 1/ 358 من طريق عطية العوفي، عن أبي سعيد به.
وهذا الإسناد فيه عطية العوفي وهو مضعّف، بل كثير التدليس ويروي عن الكلبي ويكنيه بأبي سعيد. (انظر: تهذيب الكمال 20/ 145، والتهذيب 7/ 226).
(3) حديث أنس بن مالك ?، عن النبي ? قال: قال أصحابه: عَجّل إليك الشيبُ يا رسول الله؟ قال: ((شيبتني هودٌ وأخواتها)).
أخرجه ابن سعد في الطبقات 1/ 436 مطولاً من طريق أبي صخر.
وابن عدي في الكامل 3/ 24 في ترجمة حماد بن يحيى الأبح، من طريقه.
كلاهما عن يزيد الرقاشي به.
وعزاه السيوطي في الدر المنثور 4/ 396 لسعيد بن منصور، وابن مردويه، وفي إسناده: يزيد الرقاشي، وهو ضعيف جداً. (انظر: ميزان الاعتدال 7/ 232، تهذيب الكمال 32/ 64.
(4) حديث سهل بن سعد ? قال:قال رسول الله ?: ((شيبتني هود وأخواتها: الواقعة، والحاقة، وإذا الشمس كورت)).
أخرجه الطبراني في معجمه الكبير 6/ 148 رقم 5804 من طريق سعيد بن سلام العطار، عن عمر بن محمد، أبي حازم، عن سهل به.
قلت: وهذا إسناد موضوع فيه سعيد بن سلاّم العطار، وهو كذاب. (انظر: الضعفاء لابن الجوزي) 1/ 320، وميزان الاعتدال 3/ 206).
(5) حديث عمران بن حصين ? عن النبي ? قال: ((شيبتني هودٌ وأخواتها)).
أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد 3/ 145 من طريق محمد بن جعفر الوركاني، عن حماد بن يحيى الأبح، عن ابن عون، عن ابن سيرين، عن عمران.
قال الدارقطني فيما نقله عنه السهمي في سؤالاته (ص76):"والصواب أن الوركاني حدث بهذا الإسناد عن عمران أن النبي ? قال: ((لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)).
وحدث على إثره عن حماد بن يحيى الأبح، عن يزيد الرقاشي، عن أنس، أن النبي ? قال: ((شيبتني هودٌ)) فيشبه أن يكون التمتام كتب إسناد الأول ومتن الأخير، وقرأه على الوركاني فلم يتنبه.
(6) حديث أبي سلمة بن عبدالرحمن بن عوف قال: قيل يا رسول الله نرى في رأسك شيباً، قال: ((ما لي لا أشيب وأنا أقرأ هود وإذا الشمس كورت)).
أخرجه ابن سعد في الطبقات 1/ 435 من طريق يونس، عن الزهري، عن أبي سلمة به.
وهذا إسناد صحيح إلى أبي سلمة ولكنه مرسل.
وهناك مراسيل أخرى ذكرها ابن سعد في الطبقات.
قال الألباني: "وله شاهدان مرسلان بسندين صحيحين عند ابن سعد".
ولعل الحديث يتقوى ويثبت بهذه الشواهد والمراسيل، والله أعلم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,,,,,,,,,,,,,,,
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته