فأما فهمك معناه عند الشيخ أبى إسحاق، فلربما قلتَ كما يقوله غيرُك: هذا هو من خلال بيانِه الواسعِ فى كتابه ((تنبيه الهاجد))، واستدراكاتِه الخمسمائة على أبى زكريا يحيى بن معين، وأبى عيسى الترمذى، وأبى جعفر العقيلى، وأبى بكر البزار، وأبى بكر بن خزيمة، وأبى حاتم بن حبان، وأبى القاسم الطبرانى، وأبى أحمد بن عدى، وأبى الحسن الدارقطنى، وأبى حفص بن شاهين، وأبى نعيم الأصبهانى وغيرهم من فحول الأئمة ورفعاء علماء الأمة!.
على أننى كلما مررتُ بقوله فى بداية التعقب ((قلتُ: رضى الله عنك))؛ استلطفتُ صنيعه، وأمَّنتُ على هذا الدعاء العظيم المبارك؛ الذى ربما لا نسمعه يقال إلا فى حق الصحابة رضى الله عنهم أجمعين. فما وجه الاعتراض على الشيخ ـ حفظه الله ـ: أعن فهمٍ دقيقٍ لمقاصد التصنيف وغاياته، أم عن تقليدٍ لقولٍ ومذهبٍ ينتحله بعض فضلاء زمننا اتسعت دائرة العمل به، والصواب على خلافه؟!.
ويا أخى الحبيب. لا يذهبنَّ وهلُك إلى إعتقاد أننى من أنصار الشيخ وأتباعه، فأنا أكبر منه سناً، وأقدم منه طلباً لعلم الحديث، وإن شاركنى فى بعض شيوخى وأساتذتى. وقد أهدانى الشيخ ـ حفظه الله ـ من قبل أن يرانى ويتعرف بى؛ نسخةً من كتابه البديع المثال، وقد كتب الإهداءَ هكذا ((هدية المصنف إلى سماحة الشيخ أبى محمد أحمد شحاته برجاء القبول))، وحاشاىَّ أن أذكر ذلك تفاخراً أو تسميعاً، أعاذنى الله وإيَّاك وسائر الأحباب ذلك، فـ ((مَنْ سَمَّعَ يُسَمِّعِ اللهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللهُ بِهِ)).
والأغرب الأغرب قولك: ((من معانى التفرد عندهم عدم صحة الحديث عن فلان إلا من هذا الوجه))!!، فوالله لقد وقفت على كلام الأئمة المتقدمين والمتأخرين فلم أقف على هذا المعنى، فإن كان هذا المعنى موجوداً، ففى كلام أى أئمة العلم بالمصطلح المتقدمين منهم والمتأخرين؟!.
وما جوابك عن أحاديث خرَّجها أبو عيسى الترمذى فى ((جامعه))، وجمع فيها بين الغرابة والضعف؟!. فمن ذلك:
[1] ما أخرجه (رقم 3260) قال: حدثنا عبد بن حميد ثنا عبد الرزاق أخبرنا شيخ من أهل المدينة عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال: تَلا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا هَذِهِ الآيَةَ ((وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ))، قَالُوا: وَمَنْ يُسْتَبْدَلُ بِنَا؟، قَالَ: فَضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْكِبِ سَلْمَانَ، ثُمَّ قَالَ: ((هَذَا وَقَوْمُهُ .. هَذَا وَقَوْمُهُ)).
قال أبو عيسى: ((هذا حديث غريب. في إسناده مقال)).
[2] وأصرح منه فى الضعف ما أخرجه (رقم 106) قال: حدثنا نصر بن علي حدثنا الحارث بن وجيه حَدثَنَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةٌ، فَاغْسِلُوا الشَّعْرَ وَأَنْقُوا الْبَشَرَ)).
قال أبو عيسى: ((حَدِيثُ الْحَارِثِ بْنِ وَجِيهٍ حَدِيثٌ غَرِيبٌ لا نَعْرِفُهُ إِلا مِنْ حَدِيثِهِ، وَهُوَ شَيْخٌ لَيْسَ بِذَاكَ. وقد روى عنه غير واحد من الأئمة، وقد تفرد بهذا الحديث عن مالك بن دينار)).
[3] وأصرح منهما معاً فى الضعف ما أخرجه (رقم 50): حدثنا نصر بن علي الجهضمي وأحمد بن أبي عبيد الله السليمي البصري قالا حدثنا أبو قتيبة سلم بن قتيبة عن الحسن بن علي الهاشمي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((جَاءَنِي جِبْرِيلُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِذَا تَوَضَّأْتَ فَانْتَضِحْ)).
قال أبو عيسى: ((هذا حديث غريب. وسمعت محمداً ـ يعنى البخارى ـ يقول: الحسن بن علي الهاشمي منكر الحديث)).
قلت: ((والمسألة بحاجة لمزيد بسط، وذكر أدلة)).
وأقول: قد أمهلتك زمناً لجمع الأدلة وتحقيقها، وتنقيح المناطات وتخريجها، فإن عثرت على فائدة، فأتحفنى وجميعَ الإخوان، وإلا فدعنى أكمل استدراكات الإمام الجهبذ أبى حاتم، فما هى إلا أيام قلائل، إن اذن الله لنا فيها، وسوف انقطع عن اللقاء بأحبابنا وإخواننا بهذا الملتقى المبارك، لدواعى السفر إلى الأراضى المقدسة إن شاء الله تعالى.
قلت: ((ويسر الله لي عودة لاتمام النقاش بأدلته)).
وأقول: يسَّر الله لك ووفقك، وزَوَّدَكَ التَّقْوَى، وَغَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ، وَوَجَّهَكَ لِلْخَيْرِ أَيْنَمَا تَوَجَّهْتَ.
وأَسْتَوْدِعُ اللهَ دِينَكَ، وَأَمَانَتَكَ، وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[ابن معين]ــــــــ[18 - 04 - 04, 05:43 م]ـ
بارك الله في الشيخ المحدث أبي محمد الألفي على فوائده ونفع الله بك الإسلام وأهله.
ولي مشاركة سابقة حول هذا الموضوع من بعض جوانبه على هذا الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=12699&highlight=%E1%ED%D3+%E5%DF%D0%C7+%ED%C7+%E3%CD%C8% ED
¥