قلت: وأول كلام ابن حزم لا غبار عليه، وقد تأيد بقول الحافظ في ((الفتح)) (1/ 535) وهو يعدد فوائد الحديث قال: ((وفيه إباحة المبيت والمقيل في المسجد لمن لا مسكن له من المسلمين رجل كان أو أمرأة عند أمن الفتنة)) أ. ه.
أما باقي كلام ابن حزم ففيه نظر من وجهين:
الأول: قوله: (( ... وجميع الأرض مسجد)) كان وينبغي عليه أن يستثني المقبرة والحمام ومعاطن الإبل ونحوها من الأماكن التي نهي الشارع عن الصلاة فيها.
وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام)).
أخرجه أبو داود (492)، والترمذي (317)، وابن ماجة (745)، والد ارمي (1/ 323)، وأحمد (3/ 83، 96)، وأبو يعلى (ج 2/ رقم 1350)، وابن خزيمة (2/ 7 / 791، 792)، وابن حبان (338)، والحاكم (1/ 251)، وابن حزم في ((المحلى)) (4/ 27)، والشافعي في ((المسند)) (165 - بدائع)، والبيهقي (2/ 434، 435)، والبغوي في ((شرح السنة)) (2/ 409) من طريق عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً به.
قالت الترمذي: ((هذا حديث فيه إضطراب)).
ورجح الدارقطني أنه مرسل ومن قبله الترمذي.
أما الحاكم فقال: ((صحيح على شرط البخاري ومسلم)) ووافقه الذهبي.
وقال الحافظ في ((الفتح)) (1/ 529): ((رجاله ثقات لكن اختلف في وصله وإرساله، وحكم في ذلك بصحته - الحاكم وابن حبان)).
قلت: والراجح صحة الحديث، وانظر في بحث الشيخ أبي الأشبال رحمه الله تعالى على ((الترمذي)). ولذالك قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الاقتضاء)) (ص 232): ((أسانديه جيدة، ومن تكلم فيه ما استوفى طرقه)). ... ... ... =
=ويشهد له حديث جندب بن عبد الله البجلي مرفوعاً وفيه: (( .... فلا تتخذو القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك)).
أخرجه مسلم وأبو عوانه (1/ 401) وغيرهما.
وقد ثبت الحديث في النهي عن الصلاة في معاطن الإبل، وقد خرجته في ((غوث المكدود)) (رقم 26).
الثاني: أن جعل ابن حزم الأرض كلها لها حكم المسجد لا يخفي فساده. فإنه يباح التغوط في الأرض إلا فيما نهى عنه، وكذا إنشاد الظالة، والبيع والشراء وغير ذلك، وكل هذا لا يحل في المسجد. وأيضاً فإن الاعتكاف لا يجوز أن يكون في الطريق مثلاً، لا بد أن يكون في المسجد .... الخ والله أعلم.
ثم قال ابن حزم (2/ 187): ((ولو كان دخول المسجد لا يجوز للحائض، لأخبر بذلك- عليه السلام - عائشة إذا حاضت فلم ينهها عن الطواف في البيت فقط. ومن الباطل المتيقن أن يكون لا يحل لها دخول المسجد، فلا ينهها- عليه السلام - عن ذلك، ويقتصر على منعها من الطواف. وهذا قول المزني وداود وغيرهما)) أ. ه.
وحاصل البحث أن الحديث ليس بصحيح، فلا يجوز أن نتبنى منه حكماً شرعياً. ولم أجد حديثاً صحيحاً يمنع الحائض أن تدخل المسجد، فيمكن أن نبني على البراءة الأصلية، وهي تقضي بالجواز. فيجوز للحائض حضور درس العلم ونحوه. والله أعلم.
ـ[محمود الرشيد]ــــــــ[09 - 05 - 10, 08:29 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي العزيز ابا كوثر المقدشي حفظه الله
اولا اعلم حفظك الله ان كلامي كله منصب على رواية أفلت فقط وهذا ظاهر جدا من كلامي واما الروايات الاخر ى نعم فهي منكرة كما ذكر الشيخ ابو اسحاق حفظه الله وشفاه -اسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيه -
ثانيا أنني وبكل صراحة أتوقف في رواية أفلت لذلك لم اصرح او اذكر في كلامي انها حسنة اوصحيحة وغاية ما قمت به أن اعقب على كلام مصطفى الفاسي ولو انه اورد تخريجه للحديث على منوال تخريج ابي اسحاق حفظه الله لما خطت اناملي حرفا واحدا لكنه ذكر -فقط -ما له ولم يذكر ما عليه وما ادرى الدافع له الى ذلك
ثالثا قول الشيخ ابي اسحاق فيما يتعلق بابن حبان عزيز نفيس ويحل اشكالات كثيرة فيما يتعلق بتوثيق ابن حبان لكنه بحاجة الى بحث واستقراء لكل من ذكره ابن حبان في ثقاته دون الن يصرح بتوثيقه ودراسة حاله ومروياته
وجزاك الله خيرا ونفع بك
والسلام
ـ[أبو كوثر المقدشي]ــــــــ[09 - 05 - 10, 08:40 م]ـ
بارك الله فيك أخانا الكريم / محمود الرشيد.