تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حكم النُشرة

ـ[أبو المنهال الأبيضي]ــــــــ[15 - 05 - 04, 11:05 ص]ـ

إن الحمد لله تعالى، نحمده، ونستعين به، ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

أما بعد:

فقد كنتُ وعدت في بعض المشاركات بأنني سوف أُفرد موضوع ((النشرة)) في بحث مستقل، وها أنا أوفي بوعدي، والله أسأل أن يجعل عملي خالصاً لوجهه، وألا يجعل لأحدٍ فيه شيئاً، إنه سميع مجيب.

وبعد:

فإن السحر في اللغة هو: كل ما لطف مأخذه ودق، أو: كل أمر يخفى سببه، ويُتخيل على غير حقيقته، ويجري مجرى التمويه والخداع.

وراجع " مختار الصحاح " (ص 122)، و " المعجم الوجيز " (ص 304).

وفي الشرع قال ابن قدامة في " الكافي " – كما في " فتح المجيد " (ص 385) –: " السحر عزائم، ورُقى، وعقد يؤثر في القلوب والأبدان فيمرض، ويقتل، ويفرق بين المرء وزوجه ".

والنشرة في اللغة هي: رقية يُعالج بها المجنون والمريض، تُنَشَّر عليه تَنشِيراً.

وراجع " لسان العرب " (5/ 209).

وفي الشرع: حل السحر عن المسحور، كما قال ابن القيم في " روضة السائلين ".

قال ابن القيم: وهي نوعان: حل سحر بسحر مثله، وهو الذي من عمل الشيطان؛ فإن السحر من عمله، فيتقرب إليه الناشر والمنتشر بما يحب، فيبطل عمله عن المسحور.

والثاني: النُّشرة بالرقية والتعوذات والدعوات والأدوية المباحة، فهذا جائز، بل مستحب، وعلى النوع المذموم يحمل قول الحسن: لا يحل السحر إلا ساحر ". أهـ.

قال الشيخ ابن عثيمين في " القول المفيد " (1/ 444): " وهذا كلام جيد لا مزيد عليه ".

قلت: نهى النبي صلى عليه وسلم عن النشرة،

فقد أخرج أحمد (3/ 294) – وعنه البخاري في " التاريخ الكبير " (7/ 53)، وأبوداود (4/ 6 / 3868)، والفضل بن زياد القطان في " كتاب المسائل " (كما في " بدائع الفوائد ")، والبيهقي في " السنن الكبرى " (9/ 351)، والمزي في " تهذيب الكمال " (20/ 241) –، وابن حبان في " الثقات " (8/ 315).

عن عبدالرزاق، ثنا عقيل بن معقل، سمعت وهب بن منبه، يحدث عن جابر بن عبدالله سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن النشرة، فقال: " هي من عمل الشطان ".

وحسّن ابن حجر إسناده في " الفتح " (10/ 244)، وجوّد إسناده ابن مفلح – كما في " فتح المجيد " (ص 420) –، والشيخ محمد بن عبدالوهاب في " كتاب التوحيد " (1/ 79 – مؤلفات الشيخ).

قلت: إسناده صحيح؛ رجاله رجال الشيخين، غير عقيل بن معقل وقد وثقه أحمد، وابن معين، وابن حبان، والعجلي، وابن شاهين.

وراجع " تهذيب التهذيب " (4/ 162)، و " معرفة الثقات " (1/ 202)، و " تاريخ أسماء الثقات " (ص 181).

وأخرج البزار في " مسنده " (3/ 393 – كشف)، والحاكم في " المستدرك " (4/ 418)، وأبونعيم في " الحلية " (7/ 165).

من طريق مسكين بن بكير، عن شعبة، عن أبي رجاء، عن الحسن، قال: سألت أنس بن مالك عن النشرة، فقال: " ذكروا عند النبي صلى الله عليه وسلم أنها من عمل الشيطان ".

قال الحاكم: " حديث صحيح "، ووافقه الذهبي.

وقال أبونعيم: " تفرد مسكين بن بكير برفعه عن شعبة، ورواه غندر، وغيره عن شعبة مرسلاً ".

قلت: مسكين بن بكير، قال ابن معين: " لا بأس به وقال أبوحاتم: " لا بأس به، وكان صالح الحديث، يحفظ الحديث "، كما في " تهذيب التهذيب " (5/ 423).

وخالفه سفيان بن عيينة، وأبوأسامة حماد بن أسامة، فروياه عن شعبة، عن أبي رجاء، عن الحسن، مرسلاً.

أخرجه ابن أبي شيبة في " مصنفه " (5/ 40 / 23516).

وتابعهما علي بن الجعد، عن شعبة، به.

أخرجه أبوداود في " المراسيل " (485، 486/ 446).

قال أبوداود: " أُسند هذا، ولا يصح ".

وتابعهم غندر، كما ذكر أبونعيم.

فالمحفوظ إرساله، كما رجح أبوداود، وأبوحاتم – كما في " العلل " (2/ 295).

قلت: فيُحمل النهي هنا على حل السحر بسحر مثله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير