[كيف تخرج حديثا, للشيخ محمد الخضير]
ـ[أبو غازي]ــــــــ[01 - 06 - 04, 08:01 م]ـ
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.وبعد.
فهذا هو الجزء الثاني من الدورة العلمية التي ألقها فضيلة الشيخ/ محمد بن عبدالله الخضير حفظه الله والتي هي بعنوان كيف تشرح وتخرّج وتحكم على حديث مع التطبيق العملي، وقد سبق الجزء الأول وهو بعنوان/ كيف تشرح حديثاً؟، وهذا هو الجزء الثاني وهو بعنوان/ كيف تُخرّج حديثاً؟.
فنسأل الله العون والسداد وإخلاص القول والعمل له سبحانه.
التخريج هو: عزو الحديث إلى مصادره الأصلية، وبيان درجته عند الحاجة.
ويقصدون بالمصادر الأصلية تلك الكتب التي تُروى بالأسانيد من المؤلف إلى النبي r .
فمثلاً: صحيح البخاري كتاب أصلي ومسلم كتاب أصلى. لمَا؟ لأنه يروي بإسناده عن شيخه إلى النبي r .
بينما يقولون أن مجمع الزوائد ورياض الصالحين، وغيرها ليست كتباً أصلية. لمَا؟ لأن أصحابها لا يروون بالأسانيد، وإنما همّهم جمع الأحاديث مبتورةً عن أسانيدها.
يقول علماء التخريج: أن المُخرّج همّه أصل الحديث، والفقيه همّه لفظ الحديث. كما نص على ذلك الزيلعي في نصب الراية (1/ 200).
وفي الحقيقة أن الأحاديث التي يُراد تخريجها لا تعدوا من أحد ثلاث حالات:
1. فإما أن تعطى متناً دون أن يرتبط هذا المتن بصحابي ولا إسناد. وهذا أصعب أنواع التخريج.
2. وإما أن تُعطى متناً مقروناً بصحابي دون إسناد. وهذا يليه في الصعوبة. لكنه أهون من الأول.
3. وإما أن تكون مربوطاً بإسناد من المؤلف إلى الرسول r . وهذا أسهل أنواع التخريج.
لقائل أن يقول: لمَا صَعُب الأول ولمَا سهُل الثالث ولمَا توسط الثاني؟
لأنك إذا أُعطيت متناً غير مرتبط بصحابي فإنك مسؤول عن تخريج هذا المتن عن جميع من رواه من الصحابة، فلك أن تتصور أنك أُعطيت متناً مثل: (من كذب عليَّ متعمداً فليتبوء مقعده من النار). فقد رواه أكثر من 60 صحابياً، منهم العشرة المبشرون بالجنة، فليس تخريج حديث أبي هريرة رضي الله عنه بأهم من تخريج حديث ابن عمر رضي الله عنهما، لأنه ليس لأحد من الصحابة على الآخر مزيةٌ، لأنك مسؤول عن المتن.
بينما لو قال عن ابن عمر رضي الله عنهما، فإنك مسؤول عن هذا الإسناد حتى يصح , وتترك طُرقاً لهذا الإسناد بعد صحته، لأن همّك أن يصح الإسناد الذي بين يديك. ولذا سَهُلَ الأخير وصَعُبَ الأول.
التخريج لا بد أن يمر بثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: كيف تصل إلى الحديث في بطون الكتب الأصلية.
المرحلة الثانية: بعد أن تصل ماذا تأخذ وماذا تدع؟.
المرحلة الثالثة: كيف تصوغ ما أخذت؟.
إن للوصول إلى الحديث في بطون الكتب الأصلية طُرقاً أشهرها خمس:
الطريق الأول: إما أن تصل إلى الحديث عن طريق الراوي الأعلى، وهو الصحابي أو من دونه. ولها مؤلفاتها.
الطريق الثاني: أن يكون عن طريق أوّل الحديث، ويُسمّونه طرف الحديث.
الطريق الثالث: أن يكون عن طريق كلمة يقل دورانها.
الطريق الرابع: أن يكون عن طريق خصائص تكون في السند أو المتن.
الطريق الخامس: أن يكون عن طريق موضوع الحديث.
وأولى هذه الطرق التخريج عن طريق موضوع الحديث. لماذا؟
لأسباب:
1. أنك بتخريجك عن طريق موضوع الحديث تجمع الأحاديث الواردة في ذلك الموضوع المؤيدة والمعارضة، وبالتالي يُصبح لديك إلمام عن جميع الموضوع. فمثلاً: إذا كان الحديث في كتاب الصلاة باب صلاة الجماعة، تجد أكثر من عشرة أحاديث واردة في فضل صلاة الجماعة المقوًية والمعارضة، بينما لو أخذت الحديث عن طريق الراوي الأعلى، فلا تجد غير حديث عبدالله بن عمر، فلا تجد حديث أبي هريرة ولا حديث عائشة ولا حديث أُبيّ رضي الله عنهم.
2. أن التخريج من طريق موضوع الحديث ينمي لدى الطالب مَلكةَ الاستنباط والفهم، لأنك لن تعرف موضوع الحديث حتى تعرف فقهه. ثم إن هذا الاستنباط يتقوّى، إذ أنه اتضح أنك لست وحدك في الفهم، لأن فهمك مربوط بفهم المصنّف الأصلي. هل يوافقك في هذا الفهم أو لا؟. وهذه الطريقة تنمي عندك فهم مناهج أصحاب الكتب الأصلية.
¥