تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تقريظ كتاب ((زوائد الأدب المفرد)) للشيخ أبى عبد الرحمن محمد بن مصطفى السكندرى]

ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[20 - 06 - 04, 12:17 م]ـ

[تقريظ كتاب ((زوائد الأدب المفرد)) للشيخ أبى عبد الرحمن محمد بن مصطفى السكندرى]

الشيخ النجيب والأخ الحبيب / أبو عبد الرحمن السكندرى المصرى.

أيَّدك الله بالتوفيق. وبصَّرك بمواقع الصواب على التحقيق. وبعد ..

سألتنى ـ وإجابتك فرضٌ ـ أن أكتب مقدمةٍ لكتابك فى تخريج ((زوائد الأدب المفرد على الصحيحين)).

وبدأتني ـ أعزَّك الله ـ من الوصف بما رفعنى عن مكاني. وكاد من الخجل يضيق صدري ولا ينطلق لساني. وحمَّلت كاهلي من المنن ما لم يستطع. وضربت لذكري في الآفاق نوبةً خليلية لا تنقطع. وسألتني مع ما عندك من المحاسن أن أجيبك وأجيزك. وأوزان بمثقال كلمي الحديد إبريزك. فتحيرت بين أمرين كليهما مُر. ووقع ذهني السقيم بين داءين كليهما ضر. فإن فعلت فأنا أذن من الظالمين. وإن امتنعت فما أنا من المتأدبين. فالإقدام جراءة. والإحجام دناءة. وقد ترجح عندي أن أجيب السؤال. وأقابل بالامتثال.

فوالذى أقسمَ بالعصر. كتابك عليه بصمة أهلِ مصر. وفى طياته تحقيقاتٌ بارعات. ولطائف إبداعات. وإن كانت عاجلة. لكنها شاملة. وهى فى الحقَّ قصار. لكنها رياحين وأزهار.

فلله درّكِ يا مصرَ الأمصار. وموطنَ العلمِ وحملةِ الآثار. بلد الحديث المسند الموصول. وأئمة الفقه وعلماء الأصول. زبدة الأقطار. وبقعة الأنوار. وخزانة الآداب. ومنزل الكملة وذوى الألباب. والكنانة المحروسة. والمدينة المأنوسة.

طيفٌ ألمَّ بسُحرة الأوقات ... فأثار ما فى القلب من روعاتِهْ

يا طيفُ عرِّج بالديار وحيِّ ما ... غذَّاه نيلُ الخير من خيراتِهْ

إن الذى قاتَ الخلائقَ صانها ... من مُرِّ أقدارٍ ومن ويلاتِهْ

أبناء مصر حفدة عمرو بن العاص السهمى. وتلامذة الليث بن سعدٍ الفهمى. أيَّدهم اللَّه بذكاء القرائح. ومنَّ عليهم بالفهم اللائح. فهم ذوو قلوبٍ واعيه. نارٌ حامية، فما أدراك ما هيه!.

رحم المهيمنُ ناظماً بقريضه ... قولاً بروح القدس صار مؤيَّدا

أرضٌ إذا ما جئتَها متقلباً ... فى محنةٍ ردتك شهماً سيَّدا

وإذا دهاك الهمُّ قبل دخولِها ... فدخلتها صافحتَ سعداً سرمدا

وأما ((الأدب المفرد)). فالكتاب الذى تحاسدت الأقلام على تحريره. وتنافست مشارق الأنوار على نظم سطوره. كيف لا، وقد أضاءت أنواره بالجلالة فأشرقت. وهطلت أنواؤه بالإحسان فأغدقت. فما أبهاها روضةً أضحت النفائسُ المحمَّديَّة لها خميلة!. وما أزهاه بدراً أمست المشكاة النَّبويَّة له حميلة!. وما أبهرَها معجزةً أيَّدت حواريِّيها بمائدةٍ كانت لهم عيدا. وزادتهم مع إيمانهم إيماناً ونصراً وتأييدا.

هذا كتابُ فوائدٍ مجموعةٍ ... جُمعت بكدِّ جوارح الأبدانِ

وبدائمِ الإدلاج فى غَسَقِ الدجى ... والسيرِ بين مناكبِ البلدانِ

فهو ضالة الأريب. ومأدبة اللبيب. وصفوة العلم ونقاوة العمل. ومنتهى المأمول وغاية الأمل. وزبدة التذكير والإرشاد. وخلاصة الزاد ليوم الميعاد.

فيا أيها المنتاب. لهذا الجناب. خذ من الكتاب ما أعطاك. واستخرج بفهمك ما أخطاك. فالصبح لا يُتمارى فى إسفاره. ولا يفتقر إلى دليلٍ على إشراق أنواره. وفى التصانيف مهاجرون وأنصار. وكواكبُ وأقمار. وأسودٌ وفرسان. وقلائدُ وعقيان. أما قرأت البدور السافرة (1). والنجوم الزاهرة (2). ألم تتصفح كتائبَ الأعلام الأخيار (3). ودرر البحار فى الأحاديث القصار (4). ألم يأتك نبأ عقد الجمان (5). وقلائد العقيان فى محاسن الأعيان (6).

و ((الأدب المفرد)) من لم يرو منه. ويصدر عنه. فكأنه لم يحط من الكتب إلا بالغلاف. أو تناول الكأس بغير سُلاف. فأحْسِنْ به لعاقلٍ يحسنُ العمل. وغافلٍ يفتتن بالأمل. ووَرِعٍ يسد عما رابه الذريعة. ومستشفٍ يعالج النفس الوجيعة. وكارعٍ في حياض الشريعة. وراتعٍ برياض الآداب المريعة. ومقتبسٍ من نبراس الرواية. وملتمسٍ لدقائق التأويل وحقائق الدراية. وواعظٍ ذكَّر بأيام الله وخوَّف. ومشغولٍ بلذاته طالما أخَّر المتاب وسوَّف.

فالناس مجزيون عن أعمال ميلٍ واستقامهْ

فذوو السعادة يضحكون وغيرهم يبكي ندامهْ

والله يفعل فيهمو ما شاء ذلا أو كرامهْ

ويشفع المختار فيهم حين يبعثه مقامهْ

وعليه خير صلاته مع صحبه تتلو سلامهْ

والتابعين ومن بدا برق الرشاد له فشامهْ

ما فاز بالرضوان عبدٌ كانت الحسنى ختامهْ

أسبغ الله إمام المحدثين بوابل رحماته وشآبيب الغفران. وقدَّس ثراه وجعله روضةً من رياض الجنان. واللَّه يقضى له ولنا بالهبات الوافرة. ويجمعنا به فى مستقر النعيم فى الآخرة.

وكتبه

أبو محمد أحمد شحاته السكندرى الألفى

ـــــ هامش ــــــ

(1) كتاب ((البدور السافرة فى أحوال الآخرة)) للعلامة جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي المتوفى سنة 911 هـ.

(2) كتاب ((النجوم الزاهرة بتخليص أخبار قضاة مصر والقاهرة)) للعلامة جلال الدين يوسف بن شاهين سبط ابن حجر المتوفي سنة 828 هـ ثمان وعشرين وثمانمائة.

(3) كتاب ((كتائب الأعلام الأخيار من فقهاء مذهب النعمان المختار)) للمولى محمود بن سليمان الكفوى المتوفى سنة 990 هـ تسعين وتسعمائة.

(4) كتاب ((درر البحار في الأحاديث القصار)) للعلامة جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي.

(5) كتاب ((عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان)) تسعة عشر مجلداً للإمام بدر الدين محمود بن أحمد العيني المتوفى سنة 855 هـ خمس وخمسين وثمانمائة.

(6) كتاب ((قلائد العقيان في محاسن الأعيان)) لأبي النصر الفتح بن عيسى خاقان القيسي المتوفى قتيلا سنة 535 هـ خمس وثلاثين وخمسمائة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير