تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وها هو يقول ما تقشعر منها الجلود، وتشمئز منه الأفئدة: ((الأَبدال ـ بفتح الهمزة ـ جمع بَدَل بفتحتين، خصهم الله تعالى بصفات: منها أنهم ساكنون إلى الله بلا حركة، ومنها حسن أخلاقهم في هذه الأمة، (ثلاثون رجلا) قيل سموا أبدالا، لأنهم إذا غابوا تبدل في محلهم صور روحانية تخلفهم، (قلوبهم على قلب إبراهيم) خليل الرحمن عليه السلام، أي انفتح لهم طريق إلى الله تعالى على طريق إبراهيم عليه السلام، وفي رواية (قلوبهم على قلب رجل واحد) قال الحكيم الترمذى: إنما صارت هكذا، لأن القلوب لهت عن كل شيء سواه، فتعلقت بتعلق واحد، فهي كقلب واحد. قال في ((الفتوحات)): قوله هنا (على قلب إبراهيم)، وقوله في خبر آخر (على قلب آدم)، وكذا قوله (على قلب شخص من أكابر البشر أو من الملائكة) معناه: أنهم يتقلبون في المعارف الإلهية بقلب ذلك الشخص، إذ كانت واردات العلوم الإلهية إنما ترد على القلوب، فكل علم يرد على قلب ذلك الكبير من ملك أو رسول، يرد على هذه القلوب التي هي على قلبه، وربما يقول بعضهم: فلان على قدم فلان، ومعناه ما ذكر. وقال القيصري الرومي عن العارف ابن عربي: إنما قال (على قلب إبراهيم عليه السلام) لأن الولاية مطلقة ومقيدة، والمطلقة هي الولاية الكلية التي جميع الولايات الجزئية أفرادها، والمقيدة تلك الأفراد، وكل من الجزئية والكلية تطلب ظهورها، والأنبياء قد ظهر في هذه الأمة جميع ولاياتهم على سبيل الإرث منهم، فلهذا قال هنا (على قلب إبراهيم عليه السلام)، وفي حديث آخر (على قلب موسى عليه السلام)، وفلان، وفلان، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم صاحب الولاية الكلية من حيث أنه صاحب دائرة الولاية الكلية، لأن باطن تلك النبوية الكلية الولاية المطلقة الكلية، ولما كان لولاية كل من الأنبياء في هذه الأمة مظهراً، كان من ظرائف الأنبياء أن يكون في هذه الأمة من هو على قلب واحد من الأنبياء. (كلما مات رجل) منهم، (أبدل الله مكانه رجلا) فلذلك سموا أبدالا، أو لأنهم أبدلوا أخلاقهم السيئة وراضوا أنفسهم حتى صارت محاسن أخلاقهم حلية أعمالهم.

وظاهر كلام أهل الحقيقة؛ أن الثلاثين مراتبهم مختلفة. قال العارف المرسي: جُلْتُ في الملكوت، فرأيت أبا مدين معلقا بساق العرش، رجل أشقر أزرق العين، فقلت له: ما علومك ومقامك؟، قال: علومي أحد وسبعين علما، ومقامي رابع الخلفاء، ورأس الأبدال السبعة، قلت: فالشاذلي!، قال: ذاك بحر لا يحاط به. قال العارف المرسي: كنت جالسا بين يدي أستاذي الشاذلي، فدخل عليه جماعة، فقال: هؤلاء أبدال، فنظرت ببصيرتي، فلم أرهم أبدال، فتحيرت، فقال الشيخ: من بدلت سيئاته حسنات، فهو بدل، فعلمت أنه أول مراتب البدلية. وأخرج ابن عساكر أن ابن المثنى سأل أحمد بن حنبل: ما تقول في بشر الحافي بن الحارث؟، قال: رابع سبعة من الأبدال)) اهـ بنصه من غير تحريف ولا تصرف.

وألقِ سمعك هذه الخرافة المأثورة عن شيخِهم الأكْبر، ذى المآثر التى تخبلُ العقول وتَبْهَر ـ أعنى ابن عربى الحاتمى ـ حيث يقول عن نفسه ((الأوتاد الذين يحفظ الله بهم العالم أربعة فقط، وهم أخص من الأبدال، والإمامان أخص منهم، والقطب أخص الجماعة. ولكل وتد من الأوتاد الأربعة ركن من أركان البيت، ويكون على قلب نبي من الأنبياء، فالذى على قلب عيسى له اليماني، والذي على قلب آدم له الركن الشامي، والذي على قلب إبراهيم له العراقي، والذي على قلب محمد له ركن الحجر الأسود، وهو لنا ـ يعنى نفسه ـ)) كذا حكاه المناوى عنه.

وكتب القوم طافحة بهذه التعبيرات الجائرة عن طريق الاستقامة، أعاذنا الله من الزيغ بعد الهداية.

والحمد لله أولاً وآخراً، وظاهراً وباطناً.

ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[28 - 06 - 04, 11:46 ص]ـ

الحمد لله المعز لأوليائه. المذل لأعدائه. حمداً يوجب رضوانه. ويستوهب إحسانه. والصلاة والسلام على موضح آياته. ومبلِّغ كلماته. وبعد ...

(الثامن) حديث على بن أبى طالب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير