تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[التبيين لمنهج إمام المحدثين فى الرواية عن المدلسين]

ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[13 - 07 - 04, 05:01 م]ـ

الحمد لله المنعوت بصفات الجلال والتقديس. المحمود بنعمه المتعاقبة على التأكيد والتأسيس. والصلاة والسلام على محمَّدٍ المبرأ من كل عيبٍ ونقصٍ وتلبيس. وعلى آله وصحبه الناقلين سنتَه بصدقٍ لم يشبه غشٌ ولا تدليس. وبعد ...

فقد كان إمام المحدثين أبو عبد الله البخارى من أكثر الأئمة اعتناءاً بتتبع سماع المدلسين من شيوخهم، ومن أكثرهم تخريجاً للأحاديث التى صرَّح المدلسون بسماعها وتحملها من شيوخهم بلا واسطة، ولربما عمد إلى الأحاديث التى فيها ذكر السماع مما ليس على شرطه فى ((الصحيح))، فذكرها تعليقاً أو متابعة، لتأكيد صحة ما أخرجه كأصول لم يصرِّح المدلس فيها بسماعه الحديث.

وهذا بيان بأحاديث جماعة من ثقات المدلسين مما فيه التصريح بسماعهم، مما لا تجده فى غير ((الجامع الصحيح)).

ولنبدأ بـ ((حميد بن أبى حميدٍ الطويل))، وهو من المشهورين بالتدليس، المكثرين منه. ولربما تغاضى أكثر الأئمة عن تحرى سماعه، خاصة من أنس بن مالك، لما عُلم أنه لا يدلِّس إلا عن ثقة، وأكثر أحاديثه عن أنس إنما أخذها عن ثابت البنانى، فهو من أثبت وأوثق أصحابه، وأعرفهم بحديثه ورواياته.

قال العباس بن محمد الدورى فى ((تاريخ ابن معين)) (4/ 318): حدثنا يحيى بن معين حدثنا أبو عبيدة الحداد عن شعبة قال: لم يسمع حميد من أنس إلا أربعة وعشرين حديثا، والباقي سمعها أو ثبته فيها ثابت البنانى.

وقد خرَّج أبو عبد الله البخارى أكثر أحاديثه المصرِّح بسماعها من أنس، وما لم يكن منها على شرطه ذكره تعليقاً، تأكيداً لصحة ما أخرجه كأصول لم يُصَرَّح فيها حميد الطويل بالسماع.

وهاك مواضع سماع حميد من أنس فى ((صحيح البخارى))

[1] قال فى ((كتاب الإيمان)) (49): أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَخْبَرَنِي عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يُخْبِرُ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ فَتَلاحَى رَجُلانِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ: ((إِنِّي خَرَجْتُ لأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَإِنَّهُ تَلاحَى فُلانٌ وَفُلانٌ، فَرُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمُ، الْتَمِسُوهَا فِي السَّبْعِ وَالتِّسْعِ وَالْخَمْسِ)).

وقال فى ((صلاة التراويح)) (2023): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُخْبِرَنَا بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَتَلاحَى رَجُلانِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ .... الحديث نحوه.

[2] قال فى ((كتاب الصلاة)) (402): حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِي الله عَنْه: وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلاثٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ لَوِ اتَّخَذْنَا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى، فَنَزَلَتْ ((وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى))، وَآيَةُ الْحِجَابِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ لَوْ أَمَرْتَ نِسَاءَكَ أَنْ يَحْتَجِبْنَ، فَإِنَّهُ يُكَلِّمُهُنَّ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ، وَاجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْغَيْرَةِ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُنَّ ((عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبَدِّلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ))، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ.

قَالَ أَبو عَبْد اللهِ: وحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا بِهَذَا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير