تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

? أمّا ما أشرت إليه من أنَّ الألباني يقول بهذا، فإنَّ كلام الألباني مخالف لقولهم وإنّما يقول: (من وثقه ابن حبان، وقد روى عنه جمع من الثقات، ولم يأت بما يذكر عليه، فهو صدوق يُحتجّ به) [تمام المنة: ص25] ونسب هذا لابن كثير والعراقي وابن حجر وغيرهم، دون ذكره لتوثيق ابن حبان في [تمام المنة ص20] وفصّل هذا في صفحة 204 - 207 حيث ذكر عشرة رواة تفرّد بتوثيقهم ابن حبان، وقال فيهم ابن حجر عبارات التوثيق كـ (صدوق) و (محله الصدق)، وذكر أنَّ الذهبي وابن حجر قد وثقوا رواة لم يُسبق الشيخ إلى توثيقهم مطلقاً. ونسبة ما ذكره الشيخ الألباني لهؤلاء الحفاظ ليس على إطلاقه. قال الشيخ مقبل: (ومنها أنْ يكون الراوي لم يوثقه معتبر وليس بمشهور بالطلب فإني أتوقف فيه. فإذا كان قد روى له الشيخان فإني أتوقف فيما كان خارج الصحيحين. ولست بحمد الله أجهل انتقاد الحافظ الذهبي في الميزان لابن قطان، حيث جهّل بعض من روى عنه جماعة، كمالك بن الخير المصري، ولكني غير مقتنع بكلام الحافظ الذهبي. فالذي يظهر لي أنّه لابد من توثيق من معتبر أو شهرة في الطلب كما في فتح المغيث، والله أعلم. ثم إنَّ هذه ليست قاعدة مطردة، فرُّبَّ راو يروي عنه جماعة ويقول الحافظ الذهبي في الميزان (لم يُوثّق)، ويقول الحافظ فيه (مقبول)، فهي مسألة اجتهادية) [الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين: ص19]. وأما ما نُسب لابن كثير والعراقي فإنَّ من الحفاظ من يتسمّح في تحسين أحاديث في فضائل الأعمال أو فضائل الصحابة ونحو هذا. وأما الرواة الذين تكلم فيهم ابن حجر، فإنَّ هذا كما قال الشيخ مقبل ليس بمطرد، ولقد أطال الرد عليه في هذه النقطة (حسّان عبد المنّان) ـ ولقد اضطررت في النقل عن صاحب هذه الرسالة إذ لم أجد غيره فيما عندي من الكتب قد فصّل في هذه النقطة ـ في رسالة صغيرة بعنوان (حوار مع الألباني) في الصفحة85 - 106 حيث ذكر جمع من الرواة وثقهم ابن حبان وروى عنهم جمع من الثقات ولم يوثقهم ابن حجر وإنما ضعّفهم. ولقد ذكر الشيخ سعد الحميد والشيخ عمر محمود أبو عمر أنَّ هذا تساهل منه في هذا الباب، وكذلك في باب تقوية الحديث بمجموع طرقه، وأنّه ليس على منهج المتقدمين في مبحث الشذوذ، علماً أنَّ الشيخان لا يعرف أحدهما الآخر وكلاهما قد أخذ عليه هذه النقاط الثلاث.

ثم أنَّ توثيق ابن حبان على درجات بيّنها العلامة المعلمي في (التنكيل: 1/ 437)، ومعلوم شذوذ ابن حبان في توثيق المجاهيل رحمه الله (سيأتي تفصيل هذه المسألة فيما بعد) وأما استنادك على مذهب شعيب الأرناؤوط في (الإحسان) فما هذا إلاّ إحياء لقول شاذ لم يكن عليه المتقدمون من كبار الحفاظ، ولم يسير عليه المتأخرين من الحفاظ، بل إنّهم إذا تكلموا في المجهول بيّنوا خطأ ابن حبان في هذه المسألة.

ثم إنَّ رواية الثقات عن المجهول لا تأثير لها على تصحيح حديث الراوي لذاته، إلاّ إذا كان هذا الجمع هو جمع من كبار الحفاظ ممن عُرف أنّهم لا يروون إلاّ عن ثقة عندهم كـ يحيى بن سعيد وابن معين ومالك وشعبة بشرط ألاّ يكون المجهول مبهم، وأن يصح الإسناد إلى هؤلاء الحفاظ، وكذلك من لا يعرف بجرح ولا تعديل ثم وجد أنَّ البخاري أو مسلم أخرجوا له في الأصول فإنَّ هذا يُعتبر ثقة عندهم أو صدوق، بشرط أنْ يكون حديث مُخرّج في الأصول لا في الشواهد والمتابعات [راجع الموقظة للذهبي].

? وأما ما ذكرت من (أنَّ كبار التابعين لا يرون عن صغار الصحابة فضلاً عن سواهم من التابعين، فكيف بالمخضرمين؟) وقولك (من كان من المخضرمين والتابعين الأصل فيهم العدالة ما لم يُعرفوا بجرح). فإنَّ العدالة ليست كافية في قبول رواية الراوي بل لابد من الضبط والإتقان كما هو معلوم. ومما يدل على هذا تعريف أهل العلم للحديث الصحيح بأنّه ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله من أوله إلى منتهاه من غير شذوذ أو عِلّة، وكذلك ما يُعرف عند أهل الحديث بغفلة الصالحين ويستدعي التثبّت في حديثهم وإنْ كانوا عدولاً، فإنَّ العدالة وحدها لا تكفي وإلاّ فما بال البخاري وأبو حاتم وأبو زرعة يسكتون عن هؤلاء، ولا يذكرونهم بجرح ولا تعديل، ولا يقرون هذا الأصل الذي ذكرته. وإنّما ذكرت هذا لأنّك اتبعت كلامك بقولك: (ومن بعدهم الأصل (فيهم) الجهالة ما لم يُعرفوا بتوثيق) ولم تقل ما لم تتبين عدالتهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير