والشوكانِي () يذكران أن سبب عزله زجر السلطان عَنْ ظلمه، وأغلب الظن أن هَذَا السلطان هُوَ مُحَمَّد ولد السلطان قايتباي الَّذِي تسلطن بَعْدَ والده ().
وتحديد وقت عزله يكتنفه الغموض، لا سيما عَلَى رِوَايَة الغزي والشوكاني، ولكنها لا تتعدى سنة (904 ه) فهي السنة التِي قتل فِيْهَا السلطان مُحَمَّد بن السلطان قايتباي ()، وَلَكِن الشوكاني () يجزم أن عزله كَانَ سنة (906 ه)، وَلَمْ تذكر المصادر التِي بَيْنَ أيدينا تحديداً لتاريخ فقده لبصره، وَكَانَ السلطان قَدْ طلب مِنْهُ العودة إِلَى منصبه لكنه رفض، إِلَى حِيْنَ نكبته فترك السلطان الإلحاح
عَلَيْهِ.
وذكر الشعراني أن الْقَاضِي زكريا كَانَ يعتبر توليه القضاء: غلطة ().
4. قَالَ الغزي: ((وولي الجهات والمناصب)) ().
5. وَقَالَ العيدروسي: ((ولي تدريس عدة مدارس رفيعة)) ().
6. وَقَالَ الشوكاني: ((ودرّس في أمكنة متعددة)) ().
سادساً: ثناء الْعُلَمَاء عَلَيْهِ
تمتع الْقَاضِي زكريا – زيادة عَلَى مكانته العلمية – بأخلاقه العالية التِي حببته إِلَى قلوب العباد، فانطلقت ألسنتهم بالثناء عَلَيْهِ، وذكر محاسنه وشيمه، وإذا رحنا نستقصي ما قَالَ الناس فِيْهِ أطلنا المقام، لذا سنقتصر عَلَى نبذ مِنْهَا:
1. قَالَ الغزي: ((الشَّيْخ الإِمَام، شيخ مشايخ الإسلام، علامة المحققين، وفهامة
المدققين، ولسان المتكلمين، وسيد الفقهاء والمحدّثين، الحَافِظ المخصوص بعلو الإسناد، والملحق للأحفاد بالأجداد، العالم العامل، والولي الكامل)) ().
2. وَقَالَ العيدروسي: ((الشَّيْخ الإِمَام العلامة شيخ الإسلام قاضي القضاة)) ().
3. وَقَالَ السخاوي: ((لَهُ تهجد وتوجه وصبر واحتمال، وترك القيل والقال، وله أوراد واعتقاد وتواضع وعدم تنازع، وعمله في التودد يزيد عَن الحد، ورويته أحسن من بديهته وكتابته أمتن من عبارته، وعدم مسارعته إِلَى الفتوى تعدُّ من حسناته)) ().
4. وَقَالَ أَيْضاً: ((وَلَمْ ينفك عَنْ الاشتغال عَلَى طريقة جميلة من التواضع وحسن العشرة والأدب والعفة، والانجماع عَنْ بني الدنيا مَعَ التقلل وشرف النفس ومزيد العقل وسلامة الباطن والاحتمال والمداراة)) ().
5. وَقَالَ العيدروسي: ((ويقرب عندي أنه المجدد عَلَى رأس القرن التاسع لشهرة الانتفاع بِهِ وبتصانيفه)) ().
6. قَالَ السيوطي: ((لزم الجد والاجتهاد في القلم والعلم والعمل، وأقبلَ عَلَى نفع الناس إقراءً وإفتاءً وتصنيفاً، مَعَ الدين المتين، وترك ما لا يعنيه، وشدة التواضع ولين الجانب، وضبط اللسان والسكوت)) ().
7. وَقَالَ ابن حجر الهيتمي: ((وقدّمت شيخنا زكريا لأنه أجلُّ مَنْ وقع عَلَيْهِ بصري من الْعُلَمَاء العاملين والأئمة الوارثين، وأعلى من عَنْهُ رويت من الفقهاء والحكماء المسندين، فَهُوَ عمدة الْعُلَمَاء الأعلام، وحجة الله عَلَى الأنام، حامل لواء مذهب الشَّافِعِيّ عَلَى كاهله، ومحرر مشكلاته وكاشف عويصاته في بكرته وأصائله، ملحق الأحفاد
بالأجداد، المتفرد في زمنه بعلو الإسناد، كيف وَلَمْ يوجد في عصره إلا من أخذ عَنْهُ مشافهة أَوْ بواسطة أَوْ بوسائط متعددة، بَلْ وقع لبعضهم أنه أخذ عَنْهُ مشافهة تارة، وعن وغيره مِمَّنْ بينه وبينه نحو سبع وسائط تارة أخرى، وهذا لا نظير لَهُ في أحد من عصره، فنعم هَذَا التميز الَّذِي هُوَ عِنْدَ الأئمة أولى وأحرى؛ لأنَّه حاز بِهِ سعة التلامذة والأتباع، وكثرة الآخذين عَنْهُ ودوام الانتفاع)) ().
8. وَقَالَ ابن العماد: ((شيخ الإسلام قاضي القضاة زين الدين الحَافِظ)) ().
9. وَقَالَ الأدنروي: ((مفتي الشافعية العالم الفاضل الْقَاضِي)) ().
سابعاً: آثاره العلمية
وظَّف الْقَاضِي زكريا الأنصاري معرفته العلمية في التأليف إِلَى جانب التدريس، وخلال المئة سنة التِي عاشها استطاع أن يترك لنا جملة كبيرة من المصنفات، الأمر الَّذِي دفع الشوكاني للقول بأن: ((لَهُ شرح ومختصرات في كُلّ فن من الفنون)) ().
¥