وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ)).
وقد قال الإمام أحمد (3/ 387): حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ ثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا مُجَالِدٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكِتَابٍ، أَصَابَهُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكُتُبِ، فَقَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَغَضِبَ، فَقَالَ: ((أَمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً، لا تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَيْءٍ، فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوا بِهِ، أَوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوا بِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ حَيًّا، مَا وَسِعَهُ إِلا أَنْ يَتَّبِعَنِي)).
ولو كان باقياً بعد رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما يدعيه غلاة الصوفية، لكان تبليغه للبراهين القرآنية، والأخبار المصطفوية، وقتاله مع المسلمين فى الغزوات، وشهوده للجمع والجماعات، ومؤازرته للعلماء والحكام، وبيانه لأصول وفروع الأحكام، وإحياءه للسنة النبوية، وإماتته للمذاهب البدعية، أزكى وأنفع وأفضل له ولأمة محمَّدٍ من كمونه بالمغارات، وجوبه الصحارى والفلوات!!. وهذا من أوضح الأدلة وأنصعها على كذب من ادَّعى حياته، والتقاءه بسيد المرسلين، واجتماعه بالخضر كل عام فى الحج، فيحلق كل واحدٍ منهما رأس صاحبه، ويشربان من زمزم شربةً تكفيهما إلى العام المقبل.
[ثالثاً] هذا الاضطراب فى وقت أكله وإفطاره، ففى رواية الجوهرى ((في كل أربعين يوما أكلة))، وفى رواية البرقى ((ما آكل في السنة إلا يوماً))!!، وقد ذكروا عن وهب بن منبه: أنه لما دعا إلياس ربَّه أن يقبضه إليه، جعل له ريشاً، وألبسه النور، وقطع عنه لذة المطعم والمشرب، وصار ملكياً بشرياً، سماوياً أرضياً. وهذا من تناقض من يثبت وجودَه وحياتَه وبقائَه، فهذه أوصاف متعارضة متضاربة، ينقض بعضها بعضاً، ولا يصح منها شئ البتة!.
[رابعاً] قوله عن جبريل عليه السلام ((وربما رأيته على الجبِّ يمدّ بالدلو، فيشربُ، وربما سقاني))، من الكذب المحال، أيصدق مؤمن عاقل أن سيد الملائكة وأعظمهم، الموكِّل بالوحى إلى رسل الله، يقوم على بئر زمزم، لينزع دلواً، فيشرب منها؟!. أما علم هذا الوضَّاع المتهوِّك أن الملائكة لا يأكلون ولا بشربون، غذاؤهم التسبيح والتقديس والتهليل، ولا يفترون عن ذكر الله طرفة عين، يلهمون الذكر كما يلهم أحدنا النفسَ والطرفَ.
[خامساً] إن قول الله تعالى لنبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ))، مما دلَّ على أن إلياس عليه السلام ليس بحىٍّ إلى الآن، ولا إلى زمن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأنه من جملة البشر، يدركه الموت كما أدركهم، فليس لواحدٍ من البشر خلوداً فى الدنيا، ((كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ)). ولله در الإمام الشافعى، فقد كان يكثرُ يتمثلُ بهذين البيتين لطرفة بن العبد:
تمنى رجالٌ أن أموتَ وإن أمتْ فتلكَ سبيلٌ لستُ فيها بأوحَدِ
فقلْ للذي يبغى خلاف الذي مضى تهيأ لأخرى مثلِها بالحقِّ قَدِ
ــــــــــ ..... ـــــــــ ..... ـــــــــــ
[الثانى] حديث واثلة بن الأسقع، وسياقه أطول، وكله غرائب وعجائب ومنكرات
قال ابن عساكر ((التاريخ)) (9/ 213): أنبأناه أبو الكرم المبارك بن الحسن بن أحمد بن علي الشهروزي أنا عمي أبو البركات عبد الملك بن أحمد بن علي الشهرزوي سنة سبع وستين وأربعمائة أنا عبيد الله بن عمر بن أحمد الواعظ حدثني أبي حدثنا أحمد بن عبد العزيز بن منير الحراني بمصر ثنا أبو الطاهر خير بن عرفة الأنصاري ثنا هانيء بن المتوكل ثنا بقية عن الأوزاعي عن مكحول سمعت واثلة بن الأسقع قال: ((غزونا مع رسول الله غزوة تبوك، حتى إذا كنا في بلاد جذام في أرض لهم يقال لها الحوزة، وقد كان أصابنا عطش شديد، فإذا بين
¥