ذر مرفوعا بلفظ: كما لا يجتنى من الشوك العنب , لا نزل الفجار منازل الأبرار ,
و هما طريقان , فأيهما أخذتم أخذ بكم إليه ". أخرجه أبو نعيم في " أخبار
أصبهان " (1/ 112) و ابن عساكر في " التاريخ " (19/ 96 / 2) عن فرات بن
سلمان أخبرنا أبو المهاجر الدمشقي عن أبي ذر الغفاري مرفوعا به. أورده ابن
عساكر في ترجمة " أبي المهاجر " هذا , و لم يذكر فيها أكثر من هذا الحديث.
و لعله الذي في " كنى تاريخ البخاري " (73/ 685): " أبو المهاجر مولى بني
كلاب , قلت لابن عباس: كما لا ينفع مع الإشراك شيء فهل يضر مع الإخلاص شيء ?
عنه عبد الواحد بن صفوان ". و ذكره ابن حبان في " الثقات " (5/ 565) برواية
ابن صفوان هذا عنه. و سائر الرجال موثقون. فالحديث بمجموع الطرقين حسن ,
و الله أعلم.
تنبيه: أخطأ الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في موضعين:
1 - أنه لم يبين أن رواية ابن عساكر في تاريخ دمشق من طريق أبي نعيم في أخبار أصبهان
حيث قال: ((أخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان، وابن عساكر في التاريخ، عن فرات بن سلمان نا أبو المهاجر الدمشقي عن أبي ذر الغفاري مرفوعا ... )) ومن ينظر في كلامه هذا يظن أن للرِّواية إسنادين مدارهما على فرات بن سلمان.
2 - أنه لم يبحث حال رجال إسناد أبي نعيم، وبنظرة واحدة في رجاله يتبين أنه يجب التوقف كثيرا قبل قبول هذا الشاهد، لأن فيه رجلا يأتي بالغرائب تفرَّد بهذا الإسناد ولم يتابعه عليه غيره، وفيه راو مجهول لا يعرف في غير هذه الرِّواية.
وبعد البحث عن طرق هذه الرِّواية تبين أن أبا نعيم قد توبع عليها عن نفس الراوي صاحب الغرائب، فقد أخرج أبو الشيخ الأصبهاني هذه الرِّواية في كتاب " الأمثال "
* وهذا الراوي صاحب الغرائب الذي روى أبو الشيخ وأبو نعيم من طريقه هو الذي تسبب في هذا الوهم والتصحيف
وبسببه وقع ابن عساكر في وهم حيث أفرد هذا الرَّاوي الذي تصحف اسمه بترجمة ولم يذكر فيها إلا هذه الرِّواية المصحَّف إسنادها، ثم تحيَّر الشيخ الألباني رحمه الله في هذا الرَّاوي المجهول فقال لعله فلان الذي ذكره البخاري في تاريخه.
وقد ترجم ابن عساكر لهذا الراوي الذي تحرف اسمه بالاسم الصحيح في التاريخ (8/ 429)
إسماعيل بن عبيدالله بن أبي المهاجر
تخريج الحديث:
1_ أخرج أبو نعيم في أخبار أصبهان (1/ 148)
حدَّثنا أحمد بن إسحاق ثنا أحمد بن عيسى بن ماهان الجوَّال ثنا كثير بن هشام ثنا فرات بن سلمان ثنا أبو المهاجر الدِّمشقي عن أبي ذرٍّ الغفاري رضي الله عنه قال: سمعت خليلي أبا القاسم صلى الله عليه وسلَّم يقول: ((كما لا يُجْتنى من الشَّوك العنب، لا ينزل الفجَّار منازل الأبرار، وهما طريقان: فأيهما أخذتم أدتكم إليه))
وأخرجه من طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (67/ 260)، وأفرد أبا المهاجر بترجمة ولم يسق فيها إلا هذه الرِّواية.
_ وأخرجها أبو الشَّيخ في كتاب "الأمثال " (رقم:122) حدثنا أبو جعفر بن ماهان الحمال (الصواب: الجوَّال) ثنا محمد بن أبان البلخي ثنا كثير بن هشام ثنا فرات بن سلمان ثنا أبو المهاجر الدمشقي عن أبي ذر قال: سمعتُ خليلي أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: ...
وهذه الرِّواية غير صحيحة وفيها تحريف كان هو السبب في هذا الوهم الذي حصل لابن عساكر
فقد أخرج أحمد بن منيع في مسنده [المطالب العالية (3/ 354) رقم 3165]، [إتحاف الخيرة للبوصيري (8/ 11)]
قال أحمد بن منيع وثنا كثير بن هشام ثنا فرات (عن) إسماعيل (بن) أبي المهاجر عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال سمعت خليلي أبا القاسم صلى الله عليه وسلَّم ... (1)
وهذه الرِّواية تبين أن الراوي عن أبي ذر رضي الله عنه هو (ابن أبي المهاجر) وقد سقطت (ابن) من أحد الرُّواة
والحمل في هذا السقط و التحريف على:
أحمد بن عيسى بن على بن ماهان أبو جعفر الرازي الجوَّال
قال عنه أبونعيم في أخبار أصبهان (1/ 148): ((صاحب غرائب وحديث كثير))
وقال السَّمعاني في الأنساب (2/ 104): ((تكلموا فيه وفي رواياته))
وأنا أستغرب من الشيخ الألباني رحمه الله عندما قبل بهذا الشَّاهد الذي تفرَّد به هذا الرجل الذي لم يتابعه عليه غيره (حيث جعل الراوي عن أبي ذر هو أبو المهاجر)، ثم ذهب يبحث عن من يكنى بأبي المهاجر ويقول لعله هو؟!
¥