تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

به و اطلاعي على رسالته أن أحد الدكاترة في (الكويت) يضعف هذا الحديث ,

و تأكدت من ذلك حين جاءني خطاب من أحد الإخوة هناك , يستدرك علي إيرادي الحديث

في " صحيح الجامع الصغير " بالأرقام (2453 و 2454 و 2745 و 7754) لأن الدكتور

المشار إليه قد ضعفه , و أن هذا استغرب مني تصحيحه! و يرجو الأخ المشار إليه

أن أعيد النظر في تحقيق هذا الحديث , و قد فعلت ذلك احتياطيا , فلعله يجد فيه

ما يدله على خطأ الدكتور , و خطئه هو في استرواحه و اعتماده عليه , و عدم تنبهه

للفرق بين ناشئ في هذا العلم , و متمكن فيه , و هي غفلة أصابت كثيرا من الناس

اللذين يتبعون كل من كتب في هذا المجال , و ليست له قدم راسخة فيه. و الله

المستعان. و اعلم أيها القارىء الكريم , أن من المعروف أن الحديث مما يحتج به

الشيعة , و يلهجون بذلك كثيرا , حتى يتوهم أهل السنة أنهم مصيبون في ذلك , و هم

جميعا واهمون في ذلك , و بيانه من وجهين:

الأول: أن المراد من الحديث في قوله صلى الله عليه وسلم: " عترتي " أكثر مما

يريده الشيعة , و لا يرده أهل السنة بل هم مستمسكون به , ألا و هو أن العترة

فيهم هم أهل بيته صلى الله عليه وسلم , و قد جاء ذلك موضحا في بعض طرقه كحديث

الترجمة: " عترتي أهل بيتي " و أهل بيته في الأصل هم " نساؤه صلى الله عليه

وسلم و فيهن الصديقة عائشة رضي الله عنهن جميعا كما هو صريح قوله تعالى في (

الأحزاب): * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا) *

بدليل الآية التي قبلها و التي بعدها: * (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء

إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض و قلن قولا معروفا. و قرن

في بيوتكن و لا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى و أقمن الصلاة و آتين الزكاة و أطعن

الله و رسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا. و

اذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله و الحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا) * ,

و تخصيص الشيعة (أهل البيت) في الآية بعلي و فاطمة و الحسن و الحسين رضي

الله عنهم دون نسائه صلى الله عليه وسلم من تحريفهم لآيات الله تعالى انتصارا

لأهوائهم كما هو مشروح في موضعه , و حديث الكساء و ما في معناه غاية ما فيه

توسيع دلالة الآية و دخول علي و أهله فيها كما بينه الحافظ ابن كثير و غيره ,

و كذلك حديث " العترة " قد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن المقصود أهل بيته

صلى الله عليه وسلم بالمعنى الشامل لزوجاته و علي و أهله. و لذلك قال

التوربشتي - كما في " المرقاة " (5/ 600): " عترة الرجل: أهل بيته و رهطه

الأدنون , و لاستعمالهم " العترة " على أنحاء كثيرة بينها رسول الله صلى الله

عليه وسلم بقوله: " أهل بيتي " ليعلم أنه أراد بذلك نسله و عصابته الأدنين و

أزواجه ". و الوجه الآخر: أن المقصود من " أهل البيت " إنما هم العلماء

الصالحون منهم و المتمسكون بالكتاب و السنة , قال الإمام أبو جعفر الطحاوي رحمه

الله تعالى: " (العترة) هم أهل بيته صلى الله عليه وسلم الذين هم على دينه و

على التمسك بأمره ". و ذكر نحوه الشيخ علي القاريء في الموضع المشار إليه آنفا

. ثم استظهر أن الوجه في تخصيص أهل البيت بالذكر ما أفاده بقوله: " إن أهل

البيت غالبا يكونون أعرف بصاحب البيت و أحواله , فالمراد بهم أهل العلم منهم

المطلعون على سيرته الواقفون على طريقته العارفون بحكمه و حكمته. و بهذا يصلح

أن يكون مقابلا لكتاب الله سبحانه كما قال: * (و يعلمهم الكتاب و الحكمة) * "

. قلت: و مثله قوله تعالى في خطاب أزواجه صلى الله عليه وسلم في آية التطهير

المتقدمة: * (و اذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله و الحكمة) *. فتبين أن

المراد بـ (أهل البيت) المتمسكين منهم بسنته صلى الله عليه وسلم , فتكون هي

المقصود بالذات في الحديث , و لذلك جعلها أحد (الثقلين) في حديث زيد بن أرقم

المقابل للثقل الأول و هو القرآن , و هو ما يشير إليه قول ابن الأثير في "

النهاية ": " سماهما (ثقلين) لأن الآخذ بهما (يعني الكتاب و السنة)

و العمل بهما ثقيل , و يقال لكل خطير نفيس (ثقل) , فسماهما (ثقلين) إعظاما

لقدرهما و تفخيما لشأنهما ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير