فصلٌ في أحاديث المهدي، للإمام ابن القيم رحمه الله
ـ[خليل بن محمد]ــــــــ[08 - 09 - 04, 02:42 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، وبعد:
فهذا فصلٌ مفيد، استللته من رسالة ((المنار المنيف)) للإمام العلامة أبي عبد الله ابن قيّم الجوزية رحمه الله، وهو آخر فصل فيه ..
تكلم فيه ـ رحمه الله ـ عن بعض أحاديث المهدي من حيث القبول والرد، ثم ذكر أقوال أهل العلم من أهل السنة في أمر المهدي، وعقب ذلك بذكر المهدي عن الرافضة الإمامية، ومهدي المغاربة ابن تومرت، وغير ذلك من الفوائد التي تتعلق بالمهدي.
***********************************
قال رحمه الله:
فصل
وسألتَ عن حديث: لا مهدي إلا عيسى ابن مريم فكيف يأتلف هذا مع أحاديث المهدي وخروجه؟ وما وجه الجمع بينهما؟ وهل في المهدي حديث [صحيح]، أم لا؟.
فأما حديث: لا مهدي إلا عيسى ابن مريم فرواه ابن ماجه في سننه عن يونس بن عبد الأعلى، عن الشافعي، عن محمد بن خالد الجندي، عن أبان بن صالح، عن الحسن، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو مما تفرد به محمد بن خالد.
قال محمد بن الحسين [الأبري] في كتاب مناقب الشافعي: محمد بن خالد - هذا - غير معروف عند أهل الصناعة من أهل العلم والنقل، وقد تواترت الأخبار واستفاضت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذكر المهدي، وأنه من أهل بيته، [وأنه يملك سبع سنين، ويما الأرض عدلا، وأن عيسى يخرج فيساعده على قتل الدجال، وأنه يؤم هذه الأمة وعيسى خلفه].
وقال البيهقي: تفرد به محمد بن خالد هذا، وقد قال الحاكم أبو عبد الله: هو مجهول، وقد اختلف عليه في إسناده فروي عنه عن أبان ابن أبي عياش، عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال: فرجع الحديث إلى رواية محمد بن خالد - وهو مجهول - عن أبان بن أبي عياش - وهو متروك - عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو منقطع. والاحاديث على خروج المهدي أصح إسنادا.
قلت: كحديث عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلا مني - أو: من أهل بيتي - يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت ظلما وجورا رواه أبو داود، و الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. قال: وفي الباب عن علي، و أبي سعيد، و أم سلمة، و أبي هريرة، ثم روى حديث أبي هريرة. وقال: حسن صحيح. انتهى.
وفي الباب عن: حذيفة بن اليمان، و أبي امامة الباهلي، و عبد الرحمن ابن عوف، و عبد الله بن عمرو بن العاص، و ثوبان، و أنس بن مالك، و جابر، و ابن عباس وغيرهم.
وفي سنن أبي داود عن علي رضي الله عنه: أنه نظر إلى ابنه الحسن، فقال: إن ابني هذا سيد كما سماه النبي صلى الله عليه وسلم وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم، يشبهه في الخلق، ولا يشبهه في الخلق، يملأ الأرض عدلا.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المهدي مني، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت جورا وظلما، يملك سبع سنين.
رواه أبو داود بإسناد جيد من حديث عمران بن داور القطان - وهو حسن الحديث - عن قتادة [عن أبي نضرة عنه، وروى الترمذي نحوه من وجه آخر عن أبي الصديق الناجي عنه].
وروى أبو داود من حديث صالح بن أبي مريم - أبو الخليل - عن صاحب له، عن أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يكون اختلاف عند موت خليفة، فيخرج رجل من أهل المدينة هاربا إلى مكة، فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره، فيبايعونه بين الركن والمقام، ويبعث إليه جيش من الشام فيخسف به بالبيداء بين مكة والمدينة، فإذا رأى الناس ذلك أتاه أبدال الشام، وعصائب أهل العراق فيبايعونه، ثم ينشا رجل من قريش، أخواله كلب، فيبعث إليهم بعثا فيظهرون عليهم، وذلك بعث كلب، والخيبة لمن لم يشهد غنيمة كلب، فيقسم المال، ويعمل في الناس بسنة نبيهم ويلقي الإسلام بجرانه في الأرض، فيلبث سبع سنين، ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون وفي رواية: فيلبث تسع. . . .
ورواه الإمام أحمد باللفظين، ورواه أبو داود من وجه آخر عن قتادة عن أبي الخليل، عن عبد الله بن الحارث، عن أم سلمة نحوه.
¥