تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

القول الثاني: أنه المهدي الذي ولي من بني العباس، وقد انتهى زمانه.

واحتج أصحاب هذا القول بما رواه أحمد في مسنده: حدثنا وكيع عن شريك، عن علي بن زيد، عن أبي قلابة، عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأيتم الرايات السود قد أقبلت من خراسان فأتوها ولو حبوا على الثلج، فإن فيها خليفة الله المهدي.

و علي بن زيد: قد روى له مسلم متابعة، ولكن هو ضعيف، وله مناكير

تفرد بها، فلا يحتج بما ينفرد به.

وروى ابن ماجه من حديث الثوري، عن خالد، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان، عن النبي صلى الله عليه وسلم نوه، وتابعه عبد العزيز بن المختار عن خالد.

وفي سنن ابن ماجه عن عبد الله بن مسعود قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل فتية من بني هاشم، فلما رآهم النبي صلى الله عليه وسلم اغرورقت عيناه، وتغير لونه، فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئا نكرهه؟ قال: إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريدا وتطريدا، حتى يأتي قوم من أهل المشرق ومعهم رايات سود، يسألون الحق فلا يعطونه، فيقاتلون فينصرون، فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه، حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي، فيملؤها قسطا كما ملئت جورا، فمن أدرك ذلك منكم، فليأتهم ولو حبوا على الثلج.

وفي إسناد يزيد بن أبي زياد، وهو سيء الحفظ، اختلط في آخر عمره، وكان يقبل [التلقين].

وهذا والذي قبله لو صح: لم يكن فيه دليل على أن المهدي الذي تولى من بني العباس هو المهدي الذي يخرج في آخر الزمان، بل هو مهدي من جملة المهديين، و عمر بن عبد العزيز كان مهديا، بل هو أولى باسم المهدي منه.

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي.

وقد ذهب الإمام أحمد - في إحدى الروايتين عنه - وغيره إلى أن عمر ابن عبد العزيز منهم، ولا ريب أنه كان راشدا مهديا، ولكن ليس بالمهدي الذي يخرج في آخر الزمان، فالمهدي في جانب الخير والرشد كالدجال في جانب الشر والضلال، وكما أن بين يدي الدجال الأكبر صاحب الخوارق دجالون كذابون، فكذلك بين يدي المهدي الأكبر مهديون راشدون.

القول الثالث: أنه رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من ولد الحسن بن علي، يخرج في آخر الزمان، وقد امتلأت الأرض جورا وظلما، فيملؤها قسطا وعدلا. وأكثر الأحاديث على هذا تدل.

وفي كونه من ولد الحسن سر لطيف، وهو أن الحسن رضي الله تعالى عنه ترك الخلافة لله، فجعل الله من ولده من يقوم بالخلافة الحق، المتضمن للعدل الذي يملأ الأرض، وهذه سنة الله في عباده، أنه من ترك لأجله شيئا أعطاه الله - أو أعطى ذريته - أفضل منه. وهذا بخلاف الحسين رضي الله عنه، فإنه حرص عليها، وقاتل عليها، فلم يظفر بها، والله أعلم.

وقد روى أبو نعيم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يخرج رجل من أهل بييتي، يعمل بسنتي، وينزل الله له البركة من السماء، وتخرج له الأرض بركتها، ويملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما، ويعمل على هذا الأمر سبع سنين، وينزل بيت المقدس.

وروى أيضا من حديث أبي أمامة قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الدجال وقال: فتنفي المدينة الخبث كما ينفي الكير خبث الحديد، ويدعى ذلك اليوم يوم الخلاص فقالت أم شريك: فأين العرب يا رسول الله؟ فقال:

هم يومئذ قليل، وجلهم ببيت المقدس، وإمامهم المهدي رجل صالح.

وروى أيضا من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم تهلك أمة أنا في أولها، وعيسى والمهدي فهي وسطها.

وهذه الأحاديث، وإن كان في إسنادها بعض الضعف والغرابة، فهي مما يقوي بعضها بعضا، ويشد بعضها ببعض.

فهذه أقوال أهل السنة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير