تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الدين وأدبه الحقيقي، وكل ذلك مطوي في القرآن الذي حجبوا عنه بالتقليد الذي هو آفة الحق وعدوّ الدين في كل زمان، فزمان عيسى على هذا التأويل هو الزمان الذي يأخذ الناس فيه بروح الدين والشريعة الإسلامية، لإصلاح السرائر من غير تقيد بالرسوم والظواهر، هذا ما قاله الأستاذ في الدرس مع بسط وإيضاح، ولكن ظواهر الأحاديث الواردة في ذلك تأباه، ولأهل هذا التأويل أن يقولوا: إن هذه الأحاديث قد نقلت بالمعنى كأكثر الأحاديث، والناقل للمعنى ينقل ما فهمه. وسئل عن المسيح الدجال وقتل عيسى له فقال: إن الدجال رمز للخرافات والدجل والقبائح التي تزول بتقرير الشريعة على وجهها والأخذ بأسرارها وحكمها، وإن القرآن أعظم هاد إلى هذه الحكم والأسرار، وسنة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم مبينة لذلك فلا حاجة للبشر إلى إصلاح وراء الرجوع إلى ذلك، وسنعود إلى مبحث ما جرى للمسيح عليه السلام مع الماكرين الذين أرادوا قتله وصلبه في تفسير سورة النساء إن شاء الله تعالى. اهـ

وأحاديث نزول عيسى وخروج الدجال لدى أهل العلم متواترة، ولكن سهل على هؤلاء الذين سلكوا مسلك جمال الدين الإيراني المتأفغن ردها والقدح فيها وتحريفها، وإني أنصح للشباب المصري ولعلماء مصر أن يطهروا مصر من هذه الأفكار الإلحادية. وفّقهم الله لذلك إنه على كل شيء قدير.

وبما أنه ليس لدي وقت لتفنيد ما في هذا الكتاب من الضلال فإني أكتفي بهذا وما تركته أكثر وأكثر. وقد اخترت هذا الكتاب من بين سائر كتبهم الزائغة لأن كثيرًا من الناس يغترون بالكتاب وبالمؤلف، ففي ذات مرة ونحن بفصل الدراسة بالجامعة الإسلامية تحدّث مدرس التفسير عن التفاسير وما دخل عليها من الدخيل، فسأله طالب أي تفسير أحسن؟ فقال: تفسير المنار، فروجع الأستاذ ولم يقبل.

وفى أخرى كنت أحذر من أئمة الضلال وذكرت منهم جمال الدين الإيراني المتأفغن، ومحمد عبده المصري، ومحمد رشيد رضا، وكان ذلك بمسجد (النزيلي) بصنعاء وبعد أيام التقيت بأخ محب للخير فنصحني أن لا أذكرهم فإنّهم قدموا خدمات جليلة للإسلام، ولم يكن الوقت متسعًا لتفهيم الأخ ببعض ضلالهم.

وفى أخرى كتب إليّ من مصر بعض الأخوة يقول: إنه قيل له: لم ذكرت محمد رشيد في ?الصحيح المسند من دلائل النبوة? وشاركته مع أولئك في الضلال، وهو معروف بالسلفية، فكتبت للأخ: إقرأ كتابه "المنار" الذي هو بالظلام أشبه، وكذا مجلة "المنار" وستقول إن شاء الله: أف لهذه السلفية، ستجده بعيدًا عن السلفية، والسلفية بعيدة عنه، فأنا أحيل طلبة العلم الذين قد عرفوا الحق من الباطل أن يرجعوا إلى كتبه، وأنا متأكد أنّهم سيعلمون أنه بريء من السلفية، والسلفية بريئة منه.

لا نكتفي من محمد رشيد رضا بمحاربة التقليد، وهو أكبر المقلدين لجمال الدين، ومحمد عبده، لا نكتفي بمهاجمة الشرك والبدع، وهو يحرّف كتاب الله ويرد من سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما لا يتمشى مع أفكار جمال الدين ومحمد عبده.

نحن بحمد الله لا نكتفي بالدعاوي، بل لابد من البراهين والاستقامة، وسلوك طريقة السلف. والله المستعان.

فإن قلت: أين أضر على الإسلام محمد عبده وجمال الدين الأفغاني، أم محمد رشيد رضا؟ قلت: محمد رشيد رضا، لأنه عالم بعلم الحديث، فهو يستطيع أن يلبّس على الجهال بعلم السنة ولذا فقد أكثر النقل عنه أبوريّة في ظلماته، ولما سئل عن ذلك قال ما معناه: إن محمد رشيد رضا عالم كبير ومشهور بالسلفية فأحب أن يكون كلامي مقبولاً.

هذا وقد طلب بعض إخواني في الله مزيدًا من البراهين على بعد محمد رشيد رضا عن السلفية. فأقول: الذي نفهمه عن النسبة السلفية أن معناها الانقياد لشرع الله انقيادًا شموليًا كما قال تعالى: {ياأيّها الّذين ءامنوا ادخلوا في السّلم كافّةً17} وقد أنكر الله على من أخذ من الدين ما يوافق هواه فقال عز من قائل: {أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلاّ خزي في الحياة الدّنيا ويوم القيامة يردّون إلى أشدّ العذاب وما الله بغافل عمّا تعملون?18}.

وقال سبحانه وتعالى: {إنّ الّذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرّقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتّخذوا بين ذلك سبيلاً أولئك هم الكافرون حقًّا وأعتدنا للكافرين عذابًا مهينًا?19}.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير