قال الإمام أبوداود رحمه الله (ج12 ص354): حدثنا عبدالوهاب بن نجدة أخبرنا أبوعمرو بن كثير بن دينار عن حريز بن عثمان عن عبدالرحمن ابن أبي عوف عن المقدام بن معدي كرب عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((ألا إنّي أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلّوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرّموه، ألا لا يحلّ لكم الحمار الأهليّ، ولا كلّ ذي ناب من السّبع، ولا لقطة معاهد إلا أن يستغني عنها صاحبها، ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه، فإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل قراه)).
عبدالرحمن بن أبي عوف مستور الحال يصلح حديثه في الشواهد والمتابعات.
والحديث له شواهد، منها الذي بعده على أنه قد تابعه الحسن بن جابر اللخمي، كما عند الترمذي، وهو مستور الحال، فالحديث حسن لغيره.
قال أبوداود رحمه الله (ج12 ص356): حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل وعبدالله بن محمد النفيلي قالا أخبرنا سفيان.
حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل وعبدالله بن محمد النفيلي وابن كثير قالوا حدثنا سفيان عن أبي النضر عن عبيدالله بن أبي رافع عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((لا ألفينّ أحدكم متّكئًا على أريكته يأتيه الأمر من أمري ممّا أمرت به أو نهيت عنه، فيقول: لا ندري ما وجدنا في كتاب الله اتّبعناه)).
فإن رأينا من يجادل أو يدافع عن بعد محمد رشيد رضا عن السلفية، فإننا إن شاء الله سنكلف بعض إخواننا بجمع ما ردّه أو شك فيه أو شكّك من السنن، ولكننا يعلم الله (نستثقل) هذا أو نراه تحصيل حاصل، فأحاديث الدجال قد جمعت وحكم العلماء بتواترها، وأحاديث المهدي قد جمعت وحكم العلماء بتواترها، وكان قدح ابن خلدون فيها نقيصة فيه، ودليل على قصوره في علم الحديث، وهكذا حديث انشقاق القمر وغيرها من دلائل النبوة، قد جمعت الصحيح منها في "الصحيح المسند من دلائل النبوة" والذي أعتقده وأدين الله به أن دعوة جمال الدين الأفغاني ومن سلك مسلكه، نكبة على الإسلام، وجناية على العلم، وفتح باب للشر بجميع أنواعه، وفتح باب لأعداء الإسلام، وللفسقة من المسلمين، للطعن فيما لا يوافقهم من السنن.
على أنني أحمد الله فقد استيقظ الشباب المصري، وعلموا أن هذه دعوة هدّامة للدين فجزاهم الله خيرًا، وإذا كنا لا نرضى بتقليد أئمة الهدى، مثل: مالك والشافعي وأحمد، فنحن بحمد الله عن تقليد هؤلاء أبعد. وهذا من فضل الله علينا والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
شبهة وجوابها
قال الله سبحانه وتعالى: {هو الّذي أنزل عليك الكتاب منه ءايات محكمات هنّ أمّ الكتاب وأخر متشابهات فأمّا الّذين في قلوبهم زيغ فيتّبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلاّ الله والرّاسخون في العلم يقولون ءامنّا به كلّ من عند ربّنا وما يذّكّر إلاّ أولو الألباب39}.
وقال البخاري رحمه الله (ج8 ص209): حدثنا عبدالله بن مسلمة حدثنا يزيد بن إبراهيم التستري عن ابن أبي مليكة عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها قالت: تلا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم هذه الآية: {هو الّذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هنّ أمّ الكتاب وأخر متشابهات فأمّا الّذين في قلوبهم زيغ فيتّبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والرّاسخون في العلم يقولون آمنّا به كلّ من عند ربّنا وما يذّكّر إلا أولو الألباب} قالت: قال رسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((فإذا رأيت الّذين يتّبعون ما تشابه منه، فأولئك الّذين سمّى الله فاحذروهم)).
هذه الشبهة أن بعض المعاصرين ممن جمع بين بدعة الخوارج وبدعة المعتزلة، سمعته يستدل على دفع حديث السحر بقول الله عز وجل: {إذ يقول الظّالمون إن تتّبعون إلاّ رجلاً مسحورًا40}.
وقوله تعالى: {وقال الظّالمون إن تتّبعون إلاّ رجلاً مسحورًا?41}.
قال: فلو قلنا بصحة الحديث لوافقنا المشركين في هذه الدعوى.
¥