ثمّ ليسلّم ثمّ يسجد سجدتين)).
فنبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم بشر، يجري عليه ما يجري على البشر، كسرت رباعيته وشج رأسه.
قال الإمام البخاري رحمه الله (ج7 ص372): حدثنا إسحاق بن نصر حدثنا عبدالرزاق عن معمر عن همام سمع أبا هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((اشتدّ غضب الله على قوم فعلوا بنبيّه -يشير إلى رباعيته- اشتدّ غضب الله على رجل يقتله رسول الله في سبيل الله)).
حدثني مخلد بن مالك حدثنا يحيى بن سعيد الأموي حدثنا ابن جريج عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((اشتدّ غضب الله على من قتله النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم في سبيل الله، اشتدّ غضب الله على قوم دمّوا وجه نبيّ الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم)).
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يعقوب عن أبي حازم أنه سمع سهل بن سعد وهو يسأل عن جرح رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: أما والله إنّي لأعرف من كان يغسل جرح رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومن كان يسكب الماء وبما دووي، قال: كانت فاطمة عليها السّلام بنت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تغسله، وعليّ يسكب الماء بالمجنّ، فلمّا رأت فاطمة أنّ الماء لا يزيد الدّم إلا كثرةً أخذت قطعةً من حصير فأحرقتها وألصقتها، فاستمسك الدّم، وكسرت رباعيته يومئذ، وجرح وجهه، وكسرت البيضة على رأسه.
حدثني عمرو بن علي حدثنا أبوعاصم حدثنا ابن جريج عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس قال: اشتدّ غضب الله على من قتله نبيّ اشتدّ غضب الله على من دمّى وجه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
قال الإمام النووي رحمه الله في "شرح صحيح مسلم" (ج12 ص148): وفى هذا وقوع الانتقام والابتلاء بالأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، لينالوا جزيل الأجر، ولتعرف أممهم وغيرهم ماأصابهم ويتأسوا بهم، قال القاضي: وليعلم أنّهم من البشر تصيبهم محن الدنيا، ويطرأ على أجسامهم ما يطرأ على أجسام البشر، ليتيقّنوا أنّهم مخلوقون مربوبون، ولا يفتتن بما ظهر على أيديهم من المعجزات وتلبيس الشيطان من أمرهم، ما لبّسه على النصارى. اهـ.
وردّهم السنة التي لا يدل عليها القرآن في فهمهم السقيم، علم من أعلام النبوة، فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((ألا وإنّي أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلّوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرّموه)).
رواه أبوداود من حديث المقدام بن معدي كرب، وفيه عبدالرحمن بن أبي عوف، وهو مستور الحال يصلح حديثه في الشواهد والمتابعات، وقد تابعه الحسن بن جابر، كما عند الترمذي، وهو مستور الحال، فالحديث حسن لغيره، وله شاهد من حديث أبي رافع عند أبي داود، وقد ذكرتهما بسنديهما في "الصحيح المسند من دلائل النبوة".
الطاعنون في الحديث
قدح الجصاص في حديث السحر:
قال (ج1 ص49) 45: وقد أجازوا من فعل الساحر ما هو أطم من هذا وأفظع، وذلك أنّهم زعموا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سحر، وأن السحر عمل فيه حتى قال فيه: ((إنّه يتخيّل لي أني أقول الشّيء وأفعله، ولم أقلْه ولم أفعلْه)) وإن امرأةً يهوديةً سحرته في جف طلعة ومشط ومشاقة، حتى أتاه جبريل عليه السلام فأخبره أنّها سحرته في جف طلعة، وهو تحت راعوفة البئر فاستخرج، وزال عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذلك العارض، وقد قال الله تعالى وهو مكذبًا للكفار فيما ادعوه من ذلك للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فقال جل من قائل: {وقال الظّالمون إن تتّبعون إلاّ رجلاً مسحورًا} ومثل هذه الأخبار من وضع الملحدين تلعبًا بالحشو الطغام واستجرارًا لهم إلى القول بإبطال معجزات الأنبياء عليهم السلام والقدح فيها، وأنه لا فرق بين معجزات الأنبياء وفعل السحرة، وأن جميعه من نوع واحد، والعجب ممن يجمع بين تصديق الأنبياء عليهم السلام، وإثبات معجزاتهم وبين التصديق بمثل هذا من فعل السحرة مع قوله تعالى: {ولا يفلح السّاحر حيث أتى} فصدّق هؤلاء من كذّبه الله، وأخبر ببطلان دعواه وانتحاله، وجائز أن تكون المرأة اليهودية بجهلها فعلت ذلك، ظنًا منها بأن ذلك يعمل في الأجساد وقصدت به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فأطلع الله نبيه على موضع سرها،
¥