وحدثنا أبوحاتم عن الأصمعي قال: أخبرني محمد بن سليم الطائي في حديث ذكره: إنّ الشياطين لا تستطيع أن تغيّر خلقها، ولكنها تسحره.
وحدثني أبوحاتم قال: قال الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء: إنّ الغول ساحرة الجن.
وحدثنا أبوالخطاب قال: نا المعتمر بن سليمان قال: سمعت منصورًا يذكر عن ربعي بن حراش عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((لأنا أعلم بما مع الدّجّال، إنّ معه نارًا تحْرق، ونهْر ماء بارد، فمن أدركه منكم فلا يهْلكنّ به، وليغمض عينيه وليقعْ في الّتي يراها نارًا، فإنّها نهْر ماء بارد)) 81.
وحدثني أبوحاتم عن الأصمعي عن أبي الزناد قال: جاءت امرأة تستفتي فوجدت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد توفّي: ولم تجد إلا امرأة من نسائه يقال: إنّها عائشة رضي الله عنها فقالت لها: ياأم المؤمنين قالت لي امرأة: هل لك أن أعمل لك شيئًا يصرف وجه زوجك إليك؟ وأظنه قال: فأتت بكلبين، فركبت واحدًا وركبْت الآخر فسرنا ما شاء الله. ثم قالت: أتدرين أنك ببابل؟ ودخلت على رجل، أو قالت: رجلين فقالا لها بولي على ذلك الرماد، قالت: فذهبت فلم أبل، ورجعت إليهما، فقالا لي: ما رأيت؟ قالت: ما رأيت شيئًا، قالا: أنت على رأس أمرك. قالت: فرجعت، فتشددت، ثم بلت، فخرج مني مثل الفارس المقنع، فصعد في السماء فرجعت إليهما، فقالا: ما رأيت؟ فأخبرتهما. فقالا: ذلك إيمانك قد فارقك. فخرجت إلى المرأة فقلت: والله ما علماني شيئا، ولا قالا لي كيف أصنع. قالت: فما رأيت؟ قلت: كذا، قالت: أنت أسحر العرب، عملي وتمني. قالت: فقطعت جداول وقالت: احقل، فإذا هو زرع يهتز. فقالت: أفرك فإذا هو قد يبس.
قالت: فأخذته ففركتْه وأعطتْنيه، فقالت: جشّي هذا واجعليه سويقًا وأسقيه زوجك فلم أفعل شيئًا من ذلك، وانتهى الشأن إلى هذا، فهل لي من توبة؟. قالت: ورأيت رجلاً من خزاعة كان يسكن أمج فقالت: يا أم المؤمنين هذا أشبه الناس بهاروت وماروت82.
قال أبومحمد: وقد روى هذا ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها.
قال أبومحمد: وهذا شيء لم نؤمن به من جهة القياس ولا من جهة حجة العقل، وإنما آمنا به من جهة الكتب وأخبار الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وتواطؤ الأمم في كل زمان عليه خلا هذه العصابة التي لا تؤمن إلا بما أوجبه النظر، ودل عليه القياس فيما شاهدوا ورأوا.
وأما قول الحسن: إنّهما علجان من أهل بابل وقراءته ((الملكين)) بالكسر فهذا شيء لم يوافقه أحد من القراء ولا المتأولين، فيما أعلم، وهو أشد استكراهًا وأبعد مخرجًا. وكيف يجوز أن ينْزل على علجين شيء يفرقان به بين المرء وزوجه.?اهـ?83
2 - قال القاضي عياض رحمه الله في "الشفاء" (ج2 ص160) (فصل): فإن قلت قد جاءت الأخبار الصحيحة أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم سحر كما حدثنا الشيخ أبومحمد العتابي بقراءتي عليه، قال نا حاتم بن محمد نا أبوالحسن علي بن خلف نا محمد بن أحمد نا محمد بن يوسف نا البخاري نا عبيد بن إسماعيل نا أبوأسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: سحر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتّى أنّه ليخيّل إليه أنّه فعل الشّيء وما فعله.
وفي رواية أخرى: حتى كأن يخيل إليه أنه كان يأتي النساء ولا يأتيهن الحديث.
وإذا كان هذا من التباس الأمر على المسحور، فكيف حال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في ذلك، وكيف جاز عليه وهو معصوم، فاعلم وفقنا الله وإياك أنّ هذا الحديث صحيح، متفق عليه، وقد طعنت فيه الملحدة وتذرّعت به لسخف عقولها وتلبيسها على أمثالها، إلى التشكيك في الشرع، وقد نزّه الله الشرع والنبي عما يدخل في أمره لبسًا، وإنما السحر مرض من الأمراض وعارض من العلل يجوز عليه كأنواع الأمراض مما لا ينكر ولا يقدح في نبوته.
¥