تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تذكير ذوى الفهوم بأقسام الرأى المذموم]

ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[16 - 10 - 04, 05:17 م]ـ

الحمد لله الواقى من اتَّقاه مرج الأهواء وهرجها. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً كامنةً في القلبِ واللسانُ ينطق بها والجوارحُ تعمل على منهاجها. آمنةً من اختلال الأذهان وغلبة الأهواء واعوجاجِها. ضامنةً لمن يموتُ عليها حسنَ لقاءِ الأرواح عند عروجِها. وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله إمام التقوى وضياء سراجها. والسراج المنير الفارق بين ضياء الدين وظلمات الشرك واعوجاجها. والآخذ بحجز مصدقيه عن التهافت فى النار وولوجِها. صلى الله عليه أزكى صلاته ما دامت الشمس تجرى لمستقرٍ لها فى أبراجها. ...

فإنَّ أصدقَ وصفٍ لمن ((يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ))، ويقدح فى الحق ويَتَّبِع ما تتلو عليه الشياطين، ما رواه الإمام مسلم فى مقدمة ((صحيحه)) قال: حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِيُّ ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي أَبُو شُرَيْحٍ أَنَّهُ سَمِعَ شَرَاحِيلَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ أَخْبَرَنِي مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ، يَأْتُونَكُمْ مِنَ الأَحَادِيثِ بِمَا لَمْ تَسْمَعُوا أَنْتُمْ، وَلا آبَاؤُكُمْ، فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُمْ، لا يُضِلُّونَكُمْ، وَلا يَفْتِنُونَكُمْ)).

وقد ربى زمانُنا على سائر الأزمان، فقد كثُر دعاةُ الفتن ورؤوسُ الضلال؛ وهم دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا، ألسنتهم أحلى من العسل، وقلوبهم قلوب الذئاب، قد أجلبوا على أهل الإيمان بكُلِّ قَوْلٍ مُبْتَدَعٍ، وَرَأْيٍ مُخْتَرَعٍ، وَهَوىً مُتَّبَعٍ، أَقْوَالُهُمْ رَدِيئَةٌ فَظِيعَةٌ، وَمَذَاهِبُهم سَيِّئَةٌ شَنِيعةٌ، وأصولهم مُبْتَدَعَةٌ وَضِيعَةٌ، تُخْرِجُ أَهْلَهَا عَنْ اَلدِّينِ، وَمَنِ اِعْتَقَدَهَا عَنْ جُمْلَةِ اَلْمُؤْمِنِينَ، فحقيقتهم كما قال الإمام أبو عبد الله بن بطة العكبرى: ((يَقُولُونَ عَلَى اَللهِ مَا لا يَعْلَمُونَ، وَيَعِيبُونَ أَهْلَ اَلْحَقِّ فِيمَا يَأْتُونَ، وَيَتَّهِمُونَ اَلثِّقَاتِ فِي اَلنَّقْلِ، وَلا يَتَّهِمُونَ آرَاءَهُمْ فِي اَلتَّأْوِيلِ، قَدْ عَقَدُوا أَلْوِيَةَ اَلْبِدَعِ، وَأَقَامُوا سُوقَ اَلْفِتْنَةِ، وَفَتَحُوا بَابَ اَلْبَلِيَّةِ، يَفْتَرُونَ عَلَى اَللهِ اَلْبُهْتَانَ، وَيَتَقَوَّلُونَ فِي كِتَابِهِ بِالْكَذِبِ وَالْعُدْوَانِ، إِخْوَانُ اَلشَّيَاطِينِ، وَأَعْدَاءُ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَكَهْفُ اَلْبَاغِينَ، وَمَلْجَأُ اَلْحَاسِدِينَ.

لَهُمْ كُتُبٌ قَدْ اِنْتَشَرَتْ، وَمَقَالاتٌ قَدْ ظَهَرَتْ، لا يَعْرِفُهَا اَلْغُرُّ مِنْ اَلنَّاسِ، وَلا النَّشْءُ مِنْ اَلأَحْدَاثِ، تَخْفَى مَعَانِيهَا عَلَى أَكْثَرِ مَنْ يَقْرَؤُهَا، فَلَعَلَّ اَلْحَدَثَ يَقَعُ إِلَيْهِ اَلْكِتَابُ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ اَلْمَقَالاتِ، قَدْ اِبْتَدَأَ اَلْكِتَابَ بِحَمْدِ اَللهِ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، وَالإطْنَابِ فِي اَلصَّلاةِ عَلَى اَلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِدَقِيقِ كُفْرِهِ، وَخَفِيِّ اِخْتِرَاعِهِ وَشَرِّهِ، فَيَظُنُّ اَلْحَدَثُ اَلَّذِي لا عِلْمَ لَهُ، وَالأَعْجَمِيُّ وَالْغُمْرُ مِنْ اَلنَّاسِ، أَنَّ اَلْوَاضِعَ لِذَلِكَ اَلْكِتَابِ؛ عَالِمٌ مِنْ اَلْعُلَمَاءِ، أَوْ فَقِيهٌ مِنْ اَلْفُقَهَاءِ، وَلَعَلَّهُ يَعْتَقِدُ فِي هَذِهِ اَلأُمَّةِ مَا يَرَاهُ فِيهَا عَبْدَةُ اَلأَوْثَانِ، وَمَنْ بَارَزَ اَللهَ، وَوَالَى اَلشَّيْطَانَ)) اهـ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير