قلت: هو كما قال، والحديث منكر بهذين الإسنادين. وليس البلاء من عيسى بن صالح كما زعم، إذ لم يتفرد، فقد تابعه: أحمد بن يحيى بن خالد بن حيَّان عند الطبرانى. وإنما آفته عبد الله بن لهيعة، فقد رواه بعد اختلاطه واحتراق كتبه، وروح بن صلاح من متأخرى أصحابه، وفيه ضعف وإن وُثق، وفى حديثه عن ابن لهيعة خاصة نكارة، كما قال ابن عدى.
****** ****** ******
(6) حديث عبد الله بن عمرو
أخرجه ابن أبى الدنيا ((الأخوان)) (104)، وابن عدى (4/ 103)، وأبو الشيخ ((الأمثال)) (18)، وابن الجوزى ((العلل المتناهية)) (1233) عن سويد بن سعيد الحدثانى ثنا ضمام بن إسماعيل عن أبي قبيل المعافرى قال قال عبد الله بن عمرو: كنا نقول في الجاهلية: زُرْ غٍبَّاً تَزْدَدْ حُبَّاً، فقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم ((زُرْ غٍبَّاً تَزْدَدْ حُبَّاً)).
وأخرجه الخطيب ((تاريخ بغداد)) (9/ 300)، ومن طريقه ابن الجوزى ((العلل المتناهية)) (1233) عن شاكر بن عبد الله المصيصي ثنا أبو سعيد الحسن بن علي الفقيه ثنا أحمد بن عيسى المصري حدثنا ضمام بن إسماعيل عن أبي قبيل المعافرى عن عبد الله بن عمرو قال: كنا نسمع في الجاهلية الجهلاء: ((زُرْ غٍبَّاً تَزْدَدْ حُبَّاً)) حتى سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت: وهذان الإسنادان كلاهما ضعيفان، ولم يسمع سويد بن سعيد الحدثانى، ولا أحمد بن عيسى هذا الحديث من ضمام بن إسماعيل، وإنما يرويه عنه بعض ضعفاء المصريين، ولا يرويه عنه أثبات أصحابه كابن وهبٍ.
قال ابن أبى حاتم ((علل الحديث)) (2/ 229/2172): ((سألت أبي عن حديث رواه أحمد بن عيسى عن ضمام عن أبي قبيل عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((زرغبا تزدد حبا)). قال: هذا حديث رواه رجل بمصر، يقال له محمد بن عمرو بن عثمان الجعفي عن ضمام عن أبي قبيل عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم. حدثنا به هذا الشيخ عن ضمام بمصر، وليس هذا الحديث بصحيح)) اهـ.
وقال سعيد بن عمرو البرذعي ((سؤالات أبى زرعة)) (ص407): رأيت أبا زرعة يسيء القول في سويد بن سعيد، وقال: رأيت منه شيئا لم يعجبني، قلت: ما هو؟، قال: لما قدمت من مصر مررت به فأقمت عنده، فقلت: إن عندي أحاديث لابن وهب عن ضمام، وليست عندك، فقال: ذاكرني بها، فأخرجت الكتب، وأقبلت أذاكره، فكلما كنت أذاكره كان يقول: حدثنا به ضمام، وكان يدلس حديث حريز بن عثمان وحديث نيار بن مكرم وحديث عبد الله بن عمرو زر غبا، فقلت: أبو محمد لم يسمع هذا الثلاثة أحاديث من هؤلاء!، فغضب؟. قال البرذعي: فقلت لأبي زرعة: فأيش حاله؟، قال أما كتبه فصحاح، وكنت اتتبع أصوله فأكتب منها، فأما إذا حدث من حفظه فلا.
[إيضاح وتنبيه] ومع قول هذين الإمامين الفذين: أبى حاتم وأبى زرعة الرازيين؛ بضعف ونكارة حديث عبد الله بن عمرو ((زُرْ غٍبَّاً تَزْدَدْ حُبَّاً))، فقد صححه الشيخ الألبانى فأبعد النجعة، ومع وصفه الإمام أبى حاتم بن حبان بالتساهل فى التصحيح، فقد حكم ابن حبان بضعفه، كما سبق النقل عنه من ((روضة العقلاء)) (ص116): ((وقد روى عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أخبار كثيرة تصرح بنفي الإكثار من الزيارة، حيث يقول ((زُرْ غٍبَّاً تَزْدَدْ حُبَّاً))، إلا أنه لا يصح منها خبرٌ من جهه النقل، فتنكبنا عن ذكرها، وإخراجها في الكتاب)) اهـ.
****** ****** ******
(7) حديث أبى ذرٍ
أخرجه البزار (9/ 380/3963)، والعقيلى (3/ 423)، وابن عدى (3/ 296و5/ 382)، وأبو الشيخ ((الأمثال)) (19)، والقضاعى ((مسند الشهاب)) (632)، والبيهقى ((شعب الإيمان)) (6/ 326/8362)، وابن الجوزى ((العلل المتناهية)) (1232)، وابن عساكر ((تاريخ دمشق)) (27/ 44) من طرقٍ عن عوبد بن أبي عمران الجوني عن أبيه عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر رضي الله عنه قال قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((زُرْ غٍبَّاً تَزْدَدْ حُبَّاً)).
وقال أبو أحمد بن عدى: حدثناه محمد بن أحمد بن بخيث الموصلي قال سألت عباس بن يزيد البحراني عن حديث عويد بن أبي عمران عن أبيه عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((زُرْ غٍبَّاً تَزْدَدْ حُبَّاً)) فقال: وما نصنع به لقنه ذاك الفاجر سليمان بن داود الشاذكوني!!. ولعويد عن أبيه عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر بهذا الإسناد أحاديث، وليس فيها أنكر من ((زُرْ غٍبَّاً تَزْدَدْ حُبَّاً))، وعويد بين على حديثه الضعف.
قلت هو كما قال، وعويد بن أبى عمران الجونى مجمع على تركه.
وكتبه أبو محمد الألفى السكندرى
الإسكندرية مساء رابع عاشر من رمضان المبارك سنة 1425 هـ.
ـ[أبوالأشبال السكندرى]ــــــــ[31 - 10 - 04, 02:07 ص]ـ
يرفع .. للفائدة
¥