هل يحمل عرش الرحمن العظيم ديك ذو زغب أخضر وريشٍ أبيض؟!
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[30 - 10 - 04, 12:03 ص]ـ
الحمد لله العزيز الحميد. ذى العرش المجيد. والبطش الشديد. وبعد.
فالعرش أعظم مخلوقات الله جلَّت عظمتُه، وكيف لا يكنهُ، وعليه استوى ربُّ العالمين جلَّ سلطانه وتقدست ذاته، ((الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى))، وقد أضافه إلى نفسه المقدَّسة تشريفاً وتكريماً، فقال ((رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ))، وقال جلَّ ذكره ((سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ))، وقال تعالى ((قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ))، وقال تعالى ((فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ))، ووصفه جلَّ ذكره بأكرم الأوصاف وأشرفها، فقال تبارك وتعالى ((فَتَعَالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ))، وقال تعالى ((قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ)). وقد خصَّ بحمله أعظمَ الملائكة وأقواهم، فقال تعالى ((وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ))، وقال تعالى ((وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ)).
فهل هذه الملائكة العظام الكرام، الذى تحمل هذا العرش العظيم الكريم، وتحفه وتطوف به، هل من بينها ديكة ذاتُ زغبٍ أخضر، وريشٍ أبيض، مثنية أعناقُها تحت العرش، قد مرقت أرجلُها فى تخوم الأرض؟!.
وما حال هذه الأحاديث الكثيرة التى وردت على هذا النحو:
[الحديث الأول] حديث أبى هريرة
قال الطبرانى ((الأوسط)) (7324)، وأبو الشيخ ((العظمة)) (5/ 1755) كلاهما: حدثنا محمد بن العباس الأخرم ثنا الفضل بن سهل الأعرج ثنا إسحاق بن منصور ثنا إسرائيل عن معاوية بن إسحاق عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إن الله تعالى أذن لي أن أحدِّث عن ديكٍ، قد مرقت رجلاه الأرض، وعنقه منثني تحت العرش، وهو يقول: سبحانك ما أعظمك ربنا، فيرد عليه: ما يعلم ذلك من حلف بي كاذباً)).
وقال أبو القاسم: ((لم يروه عن معاوية إلا إسرائيل، تفرد به إسحاق بن منصور)).
قلت: بل تابعه عن إسرائيل: عبيد الله بن موسى باذام العبسى.
قال الحاكم ((المستدرك)) (4/ 330): أخبرنا أبو عبد الله الصفار ثنا أحمد بن مهران ثنا عبيد الله بن موسى أنبأ إسرائيل عن معاوية بن إسحاق عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ((إن الله أذن لي أن أحدِّث عن ديكٍ، رجلاه في الأرض، وعنقه مثنية تحت العرش، وهو يقول:سبحانك ما أعظم ربنا، فيُرد عليه: ما يعلم ذلك من حلف بي كاذباً)).
وقال أبو عبد الله الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)).
وقال الحافظ الهيثمى ((مجمع الزوائد)) (8/ 134): ((رواه الطبراني فى ((الأوسط)) ورجاله رجال الصحيح، إلا أن شيخ الطبراني: محمد بن العباس بن الفضل بن سهل الأعرج لم أعرفه)).
وأعاده فى موضع آخر (4/ 180)، فقال ولم يستثن: ((رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح)).
وكذا قال الحافظ الزكى المنذرى فى ((الترغيب والترهيب)): ((رواه الطبراني بإسنادٍ صحيح، والحاكم وقال: صحيح الإسناد)).
وأقرَّهم جميعاً الشيخ الألبانى فى ((السلسلة الصحيحة)) (ح150)، وزاد فقال: ((قد صحَّ الحديث، والرواة كلهم ثقات من رجال البخارى غير ابن الأخرم، وهو من الفقهاء الحفاظ المتقنين كما فى ((لسان الميزان)). على أن إسحاق بن منصور لم يتفرد به عن إسرائيل، فقد تابعه عبيد الله بن موسى. فالحديث صحيح الإسناد)).
قلت: وفيما ذكره الألبانى خاصَّةً نظر من وجوه:
¥