هل عرش الرحمن العظيم مطوَّق بأفعى لُعَابُهَا المجرَّة التى فى السَّماء؟
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[31 - 10 - 04, 11:35 ص]ـ
لا إِلَهَ إِلا اللهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ. لا إِلَهَ إِلا اللهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ. لا إِلَهَ إِلا اللهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ.
قال عبد الله بْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُها عِنْدَ الْكَرْبِ.
فما أعظمَ العرشَ وأكرمَه وأبهاه، إذ شرَّفه الله جلَّت عظمتُه، فنسبه إلى ذاته المقدسة، فقال جلَّ ذكره ((رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ))، وقال عزَّ وجلَّ ((سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ))، وقال تعالى ((قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ))، وقال تعالى ((فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ)).
ونحن نشهد بما شهد به المحب الوامق عبد الله بن رواحة رضى الله عنه:
شهدتُ بأن وعدَ الله حقّ ... وأن النَّارَ مثوى الكافرينا
وأن العرشَ فوقَ الماءِ طافٍ ... وفوقَ العرشِ ربُّ العالمينا
وتحملُه ملائكةٌ شدادٌ ... ملائكةُ الإله مُسومينا
فأين تذهب الروعة والهيبة المستقرة فى شغاف قلوب المؤمنين، إذا قيل: إن العرش لما خُلق قال: لن يخلقَ الله خلقاً أعظم منى، فاهتزَّ، فطوَّقه اللهُ بأفعى سال لعابها، فخلقت منه المجرَّة التى فى السماء!!!.
ولله درُّ الحافظ الجهبذ ابن القيم، فقد ذكر جملة من علامات الحديث الموضوع فقال فى ((المنار المنيف)) (ص59): ((ومنها أن يكون الحديث باطلاً في نفسه، فيدل بطلانُه على أنه ليس من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم:
(46) كحديث ((المجرَّة التي في السَّماء مِنْ عَرَقِ الأفعى التي تحت العرش)).
(47) وحديث ((إذا غضب الله تعالى أنزل الوحي بالفارسية، وإذا رضي أنزله بالعربية)).
و ...... و ........ )) اهـ المقصود نقله.
وهاك هى الأحاديث المصرحة بهذا البهتان:
[الحديث الأول] حديث عبد الله بن عمرو
قال أبو الشيخ ((العظمة)) (2/ 553): حدثنا محمد بن العباس الأخرم ثنا محمد بن المثنى ثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن كثير بن أبي كثير عن أبي عياض عن عبد الله بن عمرو قال: ((إِنَّ الْعَرْشَ مطوَّقٌ بحيَّةٍ، وإِنَّ الْوَحِي لَيَنْزِلُ فِي السَّلاسِلِ)).
وأخرجه كذلك عبد الله بن أحمد ((السنة)) (1081) قال: حدثنى أبى ثنا معاذ بن هشام بإسناده ومتنه سواء.
وقال الحافظ الهيثمى ((مجمع الزوائد)) (8/ 135): ((رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير كثير بن أبي كثير، وهو ثقة)).
وقال الشيخ الألبانى تعليقاً على ((مختصر العلو للعلى الغفار)) (ح92): ((إسناده صحيح)).
قلت: وفيما قالاه معاً نظر، والحديث منكر، وإسناده ضعيف جداً، له ثلاث آفات:
(الأولى) كثير بن أبى كثير البصرى مولى عبد الرحمن بن سمرة، وإن وثقه العجلى وابن حبان، إلا أنه يهم ويخطئ.
ومن أوهامه: ما أخرجه الترمذى (1178)، والنسائى ((المجتبى)) (6/ 147) قالا: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ قُلْتُ لأَيُّوبَ: هَلْ عَلِمْتَ أَحَدًا قَالَ فِي أَمْرِكِ بِيَدِكِ أَنَّهَا ثَلاثٌ غَيْرَ الْحَسَنِ؟، فَقَالَ: لا، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ غَفْرًا إِلا مَا حَدَّثَنِي قَتَادَةُ عَنْ كَثِيرٍ مَوْلَى ابْنِ سَمُرَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((ثَلاثٌ))، فَلَقِيتُ كَثِيراً، فَسَأَلْتُهُ، فَلَمْ يَعْرِفْهُ، فَرَجَعْتُ إِلَى قَتَادَةَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: نَسِيَ.
قَالَ أَبو عَبْد الرَّحْمَنِ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ.
¥