فهذا استنكار من ابن القيم رحمه الله لهذا الحديث وحكم منه ببطلانه مع أنه ينافح عن حديث الأوعال وقد ذكر عددا من الأحاديث التي أشرت إليها فلم يلزم من ذلك أن يكون ابن القيم رحمه الله يرى أن حكمه على هذا الحديث بالبطلان يشركه في حكمه على الأحاديث الأخرى.
وكذلك ما ذكره الإمام ابن تيمية رحمه الله في درء التعارض (1/ 148) بقوله:
الوجه الثامن:
أن يقال المسائل التي يقال إنه قد تعارض فيها العقل والسمع ليست من المسائل البينة المعروفة بصريح العقل كمسائل الحساب والهندسة والطبيعيات الظاهرة والإلهيات البينة ونحو ذلك بل لم ينقل أحد بإسناد صحيح عن نبينا صلى الله عليه وسلم شيئا من هذا الجنس ولا في القرآن شيء من هذا الجنس ولا يوجد ذلك إلا في حديث مكذوب موضوع يعلم أهل النقل أنه كذب أو في دلالة ضعيفة غلط المستدل بها على الشرع
فالأول مثل حديث عرق الخيل الذي كذبه بعض الناس على أصحاب حماد ابن سلمة وقالوا إنه كذبه بعض أهل البدع واتهموا بوضعه محمد بن شجاع الثلجي وقالوا إنه وضعه ورمى به بعض أهل الحديث ليقال عنهم إنهم يروون مثل هذا وهو الذي يقال في متنه إنه خلق خيلا فأجراها فعرقت فخلق نفسه من ذلك العرق تعالى الله عن فرية المفترين وإلحاد الملحدين
وكذلك حديث نزوله عشية عرفة إلى الموقف على جمل أورق ومصافحته للركبان ومعانقته للمشاه وأمثال ذلك هي أحاديث مكذوبة موضوعة باتفاق أهل العلم فلا يجوز لأحد أن يدخل هذا وأمثاله في الأدلة الشرعية) انتهى.
فالشيخ حفظه الله يرى أن الرواية السابقة مثل هذه الروايات الباطلة.
وكذلك قد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنه كما ذكر البخاري في صحيحه تفسيره للمجرة بقوله هي باب السماء الذي تنشق منه، وجاء نحوه عن علي رضي الله عنه.
فإذا تبين أن المتن لايصح من ناحية الإسناد وقد ذكر بعض أهل العلم كابن القيم بطلان المتن فحينئذ لاغضاضة فيما ذكره الشيخ حفظه الله ولا يلزم منه تشنيع على من ذكرها من أهل العلم.
أذكر هذا اعتذارا لشيخنا الوالد حفظه الله ولعله يكتب أو يعقب بما يراه مناسبا، وليس معنى هذا أن ما ذكره الأخ الفاضل حجر غير صحيح مطلقا بل كما ذكر وفقه الله، فعند من يرى أن هذا المثال باطل متنا وسندا كابن القيم رحمه الله فلا يلزم ابن القيم التشنيع على من روى هذا الحديث، وأما من رأى أن المتن غير باطل بل يمكن أن يذكر مثل ما تذكر الروايات الإسرائلية فله كذلك اجتهاده.
وجزى الله الجميع خيرا.
ـ[حجر]ــــــــ[31 - 10 - 04, 11:01 م]ـ
يبدو لي أن هذه الأحاديث ليست كحديث عرق الخيل أومعانقة الركبان في معارضة العقل الصريح والنقل الصحيح.
ولنعود أنفسنا أن نستدل لكلام العلماء لا به.
[وأما من رأى أن المتن غير باطل بل يمكن أن يذكر مثل ما تذكر الروايات الإسرائلية فله كذلك اجتهاده]
أشكرك على هذا، لكن وددت لو كانت عبارات الشيخ الفاضل تتسع لمثل هذا الاجتهاد.
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[01 - 11 - 04, 08:53 ص]ـ
أخى الحبيب المسدَّد / الشيخ عبد الرحمن الفقيه الغامدي حفظكم الله، وباركم فيكم.
عليكَ تحيةُ الرحمن تترى ... تحايا رائحاتٍ غادياتِ
إحسانكم الظن، وفهمكم للطائف البحث، مستوجب لشكر صنيعكم، فشكر الله لكم، وجزاكم الله خيراً.
ونفعكم بالعلم، ونفع بكم. وتحياتى لكم ودعواتى بموفور الصحة والعافية، والتوفيق لمحاب الله ومرضاته.
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[01 - 11 - 04, 08:57 ص]ـ
الحمد لله الذى ألهم أهل الحديث حفظ النصوص ورزقهم فهمها. وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحقَّ بها وأهلها.
والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على أتقى الخلق وأخشاهم لله. القائل إرشاداً وتنبيهاً ((رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ)).
ولله در القائل، فقد أحسن وأجاد:
إنَّ الرِّوَاةَ عَلَى جَهْلٍ بما حَمَلُوا ... مِثْلُ الْجِمَالِ عليها يُحْمَلُ الْوَدَعُ
لا الْوَدَعَ يَنْفَعُه حَمْلُ الْجِمَالِ له ... ولا الْجِمَالُ بِحَمْلِ الْوَدَعِ تَنْتَفِعُ
¥