تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد عاب الخصومُ أهلَ الحديث الذين بهذه المثابة بقولهم ((أجهلُ الناس بما يحملون، وأبخسُ الناس حظاً فيما يطلبون، ((كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ. فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ. بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَى صُحُفًا مُّنَشَّرَةً)). قد قنعوا من العلم برسمه، ومن الحديث باسمه، ورضوا بأن يقال: فلان عارف بالأسانيد وراوية للحديث، وزهدوا في أن يقال: عالم بما كتب أو فقيه حاذق فيما حمل)).

وقال شاعرهم يعيِّرُ أهل الحديث بحفظ الرواية، دون الدراية:

زَوَامِلُ لِلأَسْفَارِ لا عَلْمَ عِنْدَهُمْ ... بِجَيْدِهَا إِلا كَعِلْمِ الأَبَاعِرِ

لِعَمرُكَ مَا يَدْرِي الْبَعِيرُ إِذَا غَدَا ... بِأَحِْمالِهِ مَا فِي الْغَرَائِرِ

وقالوا تشنيعاً على من حفظ ولم يتفهم ((المحدِّث يحفظ الحديث ولا يدرى التأويل، كالحمار لا يدري أسفر على ظهره أم زبيل!. وفى محكم التنزيل ((مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ))، وفي هذا تنبيه من الله تعالى لمن حمل الكتاب أن يتعلم معانيه، ويعلم ما فيه، لئلا يلحقه من الذم ما لحق هؤلاء الضالين)).

وها هى شيعة اليوم وأفراخ الرافضة يعيبون أهل الحديث بما عابهم به أسلافهم، لروايتهم البواطيل والمناكير التى تبعث على الإسلام الطاعنين، وتضحك منه الملحدين، وتزهد من الدخول فيه المرتدين، وتزيد في شكوك المرتابين، كروايتهم أن العرش مطوَّق بحيَّة سال لعابها فخُلقت منه المجرَّة، وأن ديكاً عنقه مطوية تحت العرش ورجلاه في التخوم، وأن الأرض على ظهر حوتٍ قد التقى طرفاه في السماء، والحوت على صخرة والصخرة بيد ملك، وأن سهيلاً كان عشاراً، وأن الزهرة كانت بغياً فمسخها الله شهاباً، فى نظائر كثيرة وأشباهٍ يصعب استقصاؤها.

ومن طالع مواقع الشيعة والرافضة على الشبكة العنكبوتية، لآذاه نتن هذه الطعون والأراجيف، فهذا كبيرهم يطعن على أهل السنة لروايتهم حديث الحيَّة التى طوَّقت العرش قائلاً ((فهذا حديث رائحته كريهة، ظاهر فيه الوضع وآثار اليهود، يمجه كل ذى عقلٍ سليمٍ، وفطرةٍ غير ملوثةٍ بالآلية التى تميت حياة العقل، وتجعله جامداً صلداً، فيقول بكل بلاهة: إنَّ عرش الرحمن الجبار مطوَّق بحية قبيحة، كان الفراعنة يطوقون بها عروشهم وتيجانهم، وجعلت رمزاً للشرور: كالموت والمكر والخبث. وهذا من مصائب منهجهم فى التلقى والقبول، إلا أنه يلقى الضوء على اضطراب عقولهم، ومذهبهم الميكانيكى الذى يهتم بدقائق السند، ويهمل صحة المتن. فكيف تتوقع لهذا المنهج أن يكون مصلحاً فى جميع أحواله، وأن يأخذ بالأيدى للحق؟!!)).

وأهل الحديث المنكرون لهذا الحديث بُرَءَآؤ من هذا الطعن الخبيث الماكر، ولكنْ من قنع وأقرَّ.

ونصيحتى لمن قال ((لنسنَّ بهذه الأخبار سنة الإسرائيليات؛ لا نصدقها ولا نكذبها))، أن يمعن النظر فى التفريق بين الإسرائيليات التى بهذه المثابة، وبين الموضوعات والأباطيل المجزوم ببطلانها وزيفها، فقد أخطأ وأبعد فى الخطأ من حكم للنوعين بذات الحكم، وأنزلهما بمنزلٍ واحدٍ!!، فإنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: ((مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ)). أخرجه مسلم فى ((مقدمة الصحيح)) قال: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ.

وأما التنفير عن المتون الموضوعة والباطلة، فإن لم يكن شغل أهل الحديث الشاغل، فما فضلهم؟، وما شرفهم؟.

ولله در الشيخ العلامة محمد على آدم الأثيوبى، المدرس بدار الحديث الخيرية بمكة المكرمة، حيث يقول فى منظومته ((تذكرة الطالبين ببيان الوضع وأصناف الوضاعين)):

لمَّا حمى الله الكتاب المنزلا ... عن أن يزاد فيه أو يبدَّلا

أخذ أقوام يزيدون على ... أخبار من أرسله ليفصلا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير