[لا يصح فى إحياء ليلتي العيدين شيء]
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[13 - 11 - 04, 11:21 م]ـ
الحمد لله ناصر الحق ورافعِى لوائِه. والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على أتقى خلقه وأوليائه. وبعد ..
فقد أكثر المصنفون فى الرغائب من ذكر الأباطيل والمناكير والموضوعات، ولما تيقنوا أن الصلاة خير موضوع، فقد لهجوا بذكر ما ورد فيها من الترغيب، ولعل أكثرها مما لا يصح، ولا يثبت، ولا تنتهض به حجة. وأنكر ذلك الصلوات الحولية والأسبوعية والشهرية والليلية، كصلاة التسابيح، وألفية رجب، وليلة النصف من شعبان، وآخر جمعة من رمضان، وليلة عاشوراء ويومها، وليلتى الفطر والضحى، وليالى الأسبوع كلها.
ومن أنكر ذلك وأبطله ما وضعه الوضاعون فى إحياء ليلتى العيدين، وفيها خمسة أحاديث. ومن اللائق أن نذكر ما قرَّره الحافظ ابن القيم فى ((زاد المعاد فى هدى خير العباد)) (1/ 212) من هدى النبى صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة النحر: ((ثم نام حتى أصبح، ولم يحيى تلك الليلة، ولا صح عنه في إحياء ليلتي العيدين شيء)).
وهاك الأحاديث التى احتجَّ بها المرغبون فى إحياء ليلة العيد، وبيان ما فيها:
[الأحاديث الأول والثانى والثالث] أحاديث عبادة بن الصامت، وأبى الدرداء، وأبى أمامة
قال أبو القاسم الطبرانى ((الأوسط)) (159): حدثنا أحمد بن يحيى بن خالد بن حيان ثنا حامد بن يحيى البلخي ثنا جرير بن عبد الحميد عن عُمَرَ بْنِ هَارُونَ البلخي عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ عبادة بن الصامت أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ((مَنْ أَحْيَا لَيْلَةَ الْفِطْرِ وَالأَضْحَى، لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ)).
قال أبو القاسم: ((لم يرو هذا الحديث عن ثور إلا عمر بن هارون، تفرد به جرير)).
وأورده الحافظ الهيثمى فى ((مجمع الزوائد)) (2/ 198)، فقال: ((رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفيه عمر بن هرون البلخي، والغالب عليه الضعف. وأثنى عليه ابن مهدي وغيره، ولكن ضعفه جماعة كثيرة)).
وذكره الشيخ الألبانى فى ((السلسلة الضعيفة)) (رقم520)، وقال: موضوع.
قلت: هو كما قال، وإسناده واهٍ بمرَّة، وله ثلاث آفات:
[الأولى] عُمَرَ بْنِ هَارُونَ البلخي أبو حفص الثقفى، يروى المناكير عن المشاهير ويضع الحديث وضعاً، رماه بالكذب: عبد الله بن المبارك، وابن معين، وصالح جزرة. وعبد الرحمن بن مهدى وإن أثنى عليه مرَّة، فقد قال فى رواية أخرى: ليس له قيمة عندى. وقال ابن حبان: كان ممن يروى عن الثقات المعضلات، ويدعى شيوخاً لم يرهم.
[الثانية] الاختلاف على رفعه. فقد أخرجه الشافعى ((الأم)) (1/ 231)، ومن طريقه البيهقى ((شعب الإيمان)) (3/ 341/3711) عن إبراهيم بن محمد نا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عن أبي الدرداء قال: ((مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْعِيدِ مُحْتَسِبَاً، لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ)).
قلت: هكذا خالفه إبراهيم بن محمد، فجعله من ((مسند أبى الدرداء))، وأوقفه. وإبراهيم بن محمد بن أبى يحيى الأسلمى المدنى تركوا حديثه. قال مالك بن أنس ويحيى بن سعيد وابن معين: هو كذاب. وكان يحيى بن سعيد يقول: ما أشهد على أحد أنه كذاب إلا على إبراهيم بن أبي يحيى، ومهدي بن هلال، فإني أشهد أنهما كذابان. وقال مالك بن أنس: ليس بثقة ولا في دينه. وقال أحمد بن حنبل والبخاري: قد ترك الناس حديثه. وقال النسائي وعلي بن الجنيد والأزدي والدارقطنى: متروك.
والشافعى وإن روى عنه إلا أنه جالسه فى صباه، فحفظ عنه، فلما نزل مصر أودع كتبه أحاديثه من حفظه، ولم يكن عنده بموضع الثقة، وقال: كان قدرياً ولم يكن يكذب. وقال ابن حبان: كان قدرياً جهمياً، وكان يكذب مع ذلك.
[الثالثة] الاضطراب على صحابيه. فمرة ((عن عبادة بن الصامت))، وثانية ((عن أبى الدرداء)) موقوفاً، كما سبق، وثالثة ((عن أبى أمامة)).
¥