[سؤال عن: الأحاديث الواردة فى تحريم إتيان الزوجة فى الدبر]
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[20 - 11 - 04, 09:17 ص]ـ
الحمد لله تعالى. والصلاة على محمد تتوالى. وبعد ..
فقد ورد السؤال من بعض طلبة العلم هكذا: أسألك بارك الله فيك عن: الأحاديث الواردة فى تحريم إتيان الزوجة فى الدبر؛ من حيث صحتها، وفقهها لو تكرمت؟. فقد نقل ((الطبرى)) فى كتاب ((اختلاف الفقهاء)) القول عن مالك بالجواز!.
فما صحة هذا القول عن مالك من الناحية الحديثية، وماهو الراجح فى هذه المسألة نفع الله بكم.
فكان من جوابى عنه، ما نصه:الحمد لله الواقى من اتَّقاه مرج الأهواء وهرجها. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً كامنةً في القلبِ واللسانُ ينطق بها والجوارحُ تعمل على منهاجها. آمنةً من اختلال الأذهان وغلبة الأهواء واعوجاجِها. ضامنةً لمن يموتُ عليها حسنَ لقاءِ الأرواح عند عروجِها. وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله إمام التقوى وضياء سراجها. والسراج المنير الفارق بين ضياء الدين وظلمات الشرك واعوجاجها. والآخذ بحجز مصدقيه عن التهافت فى النار وولوجِها. صلى الله عليه أزكى صلاته ما دامت الشمس تجرى لمستقرٍ لها فى أبراجها.
وبعد. فالله المسئولُ عوناً يرشدُ إلى السبيل القويم، وتوفيقاً يهدى إلى الصراط المستقيم، إنه ولى ذلك والقادر عليه.
فاعلم ـ أيَّدك الله بتوفيقه ـ أن الأحاديث الواردة فى تحريم إتيان النساء في أدبارهن مستفيضة، بل متواترة، وقاضية بتحريم وطء المرأة فى دبرها حائضاً كانت أو طاهراً، وقد جمعها الحافظ أبو الفرج بن الجوزى بطرقها في جزء سماه ((تحريم المحل المكروه))، ولا ينبغى لمن بلغته وتوثق من صحتها وتواترها، أن يخالف دلالتها على التحريم، فيلتمس الرخصة فى الجواز بزلات العلماء، ورخص الإفتاء، وقد صحَّ عن عبد الله بن عمر رضى الله عنه خلاف ما نسبوه إليه من الجواز، وأنكر أن يفعله أحد من المسلمين، وقال ((أُفٍ أَوَ يَعْمَلُ هَذَا مُسْلِمٌ!))، وهذا هو اللائق به رضى الله عنه، والذى لا ينبغى أن يُروى عنه خلافه، وكذلك أنكره إمام دار الهجرة مالك بن أنس، واستعظمه، وكذَّب من نسب ذلك إليه.
فأما إنكار ابن عمر، فقد قال الدارمى (1122): أَخْبَرَنَا عبد الله بن صالح حدثني الليث حدثني الحارث بن يعقوب عن سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ أَبِي الْحُبَابِ قَالَ: قُلْتُ لابْنِ عُمَرَ: مَا تَقُولُ فِي الْجَوَارِي حِينَ أُحَمِّضُ بِهِنَّ؟، قَالَ: وَمَا التَّحْمِيضُ؟، فَذَكَرْتُ الدُّبُرَ، فَقَالَ: هَلْ يَفْعَلُ ذَاكَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ!!.
وأخرجه الطحاوى ((شرح المعانى)) (3/ 41) قال: حدثنا الربيع بن سليمان المرادى ثنا عبد الله بن وهب ثنا الليث بنحوه.
قال الحافظ أبو الفداء بن كثير الدمشقى: ((وهذا إسناد صحيح، ونص صريح منه ـ يعنى ابن عمر ـ بتحريم ذلك. فكل ماورد عنه مما يحتمل خلافه، فهو مردود إلى هذا المحكم)) اهـ.
وأما ما اشتبه على الرواة من قول ابن عمر بجواز إتيان المرأة فى دبرها، وقول مالك بموجبه.
فقد أخرجه النسائى ((الكبرى)) (5/ 315/8979) قال: أخبرنا الربيع بن سليمان نا أصبغ بن الفرج نا عبد الرحمن بن القاسم قال: قلت لمالك: إن عندنا بمصر الليث بن سعد يحدِّث عن الحارث بن يعقوب عن سعيد بن يسار قال: قلت لابن عمر: إنا نشتري الجواري فنحمض بهن قال: وما التحميض؟، قال: نأتيهن في أدبارهن، قال: أُفٍ أَوَ يَعْمَلُ هَذَا مُسْلِمٌ!، فقال لي مالك فأشهد على ربيعة لحدَّثني عن سعيد بن يسار أنه سأل ابن عمر عنه، فقال: لا بأس به.
ثم قال (8980): أخبرنا محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي نا معنٌ يعنى ابن عيسى حدثني خارجة بن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت عن يزيد بن رومان عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر: أن ابن عمر كان لا يرى بأسا أن يأتي الرجل امرأته في دبرها، قال معنٌ وسمعت مالكا يقول: ما علمته حرام.
فهذا جُمَّاع ما رووا عن ابن عمر فى جواز إتيان الرجل امرأته فى دبرها، وقول مالك ليس بحرامٍ.
فإن كان قوله ((لا بأس به)) محفوظاً، ولم يجزْ أن نوهِّمَ أحداً من رواته، فهو مردود من وجهين:
¥