فهؤلاء جميعاً مقبولون عند الحافظ، بمعنى أنهم ثقات، لتخريج الشيخين لهم فى ((الصحيحين))، ولنذكر على سبيل التمثيل أحاديث ثلاثة منهم:
[الأول] جعفر بن عمرو بن حريث
قال الإمام مسلم ((كتاب الحج)) (1359): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ مُسَاوِرٍ الْوَرَّاقِ سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، قَدْ أَرْخَى طَرَفَيْهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ.
[الثانى] مسلم بن قرظة الأشجعى الشامى
قال الإمام مسلم ((كتاب الإمارة)) (1855): حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ رُزَيْقِ بْنِ حَيَّانَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ قَرَظَةَ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((خِيَارُ أَئِمَّتِكُمِ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمِ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ))، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ؟، فَقَالَ: ((لا مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ، وَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ وُلاتِكُمْ شَيْئًا تَكْرَهُونَهُ، فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ، وَلا تَنْزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ)).
[الثالث] معبد بن كعب بن مالك الأنصارى السلمى المدنى
قال الإمام البخارى ((كتاب الرقاق)): حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ الأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ، فَقَالَ: ((مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ))، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ مَا الْمُسْتَرِيحُ وَالْمُسْتَرَاحُ مِنْهُ؟، قَالَ: ((الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللهِ، وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ وَالْبِلَادُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ)).
وقال مسلم ((كتاب الجنائز)) (950): حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ فذكره بمثله.
هذه الأمثلة الثلاثة قليل من كثير، وإنما ذكرتها للدلالة على معنى ((مقبول)) فى حق أمثالهم ممن خرجا لهم فى ((الصحيحين))، وعددهم كما أسلفنا أربع ومائة (104) راوياً.
وثمة خلاف آخر، وهو القول بأن المقبول لابد أن يتابع وإلا ضعف، وينتقض هذا القول أيضاً بهذه الأمثلة الثلاثة، فإن كلا من:
جعفر بن عمرو بن حريث، ومسلم بن قرظة الأشجعى الشامى، ومعبد بن كعب بن مالك الأنصارى السلمى المدنى ثلاثتهم قد تفردوا ولم يتابعوا على هذه الأحاديث، أو بمعنى أوضح لم يتابع معبد بن كعب بن مالك عن أبى قتادة على حديثه ((مستريح ومستراح منه))، ولم يتابع جعفر بن عمرو بن حريث عن أبيه على حديثه فى ((العمامة التى أَرْخَى طَرَفَيْهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ))، ولم يتابع مسلم بن قرظة عن عوف بن مالك على حديثه ((خِيَارُ أَئِمَّتِكُمِ وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمِ)). وإلا فأوجدنى أيها المعترض متابعاً لواحدٍ من هؤلاء!!، وأنا بإنتظار الرد، مع إعلامِكَ إن أردتَ بالمزيد من رواة الصحيحين الموسومين بـ ((مقبول)) ممن تفردوا ولم يتابعوا.
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[21 - 11 - 04, 09:55 م]ـ
الحمد لله نسترفده العون والتوفيق، ونسأله الهداية إلى أقوم طريق.
[الحديث الثانى] حديث أَبِي هُرَيْرَةَ وله طرق:
¥