[اللطائف الوثيقة ببيان علل أحاديث العقيقة]
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[20 - 12 - 04, 12:41 ص]ـ
الحمد لله نسترفده الإعانة والتوفيق. ونستهديه الصواب على التحقيق. وبعد ..
لعل أكثر من يقول بجواز أن يعقَّ عن الغلام بشاة واحدة، يجزم دون تردد بصحة أحاديث ((أن النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقَّ عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ كَبْشاً كَبْشاً))، ويرى أنها لا تعارض مَا صحَّ واستفاض عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمْ عَنْ الْغُلامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ، وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ))، والتى قال بمقتضاها جمهور أهل العلم بالحديث والفقه، ورأوا التفريق فى العقيقة بين الغلام والجارية.
قال أبو عيسى الترمذى: ((وَالْعَمَلُ فِي الْعَقِيقَةِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ ((عَنْ الْغُلامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ، وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ)). وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضًا ((أَنَّهُ عَقَّ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ بِشَاةٍ))، وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ)).
وفى الجزم بصحة أحاديث العقيقة عن الغلام بشاةٍ واحدةٍ نظر وبحث عند أهل العلم بعلل الحديث، لم يلتفت إليه أكثر فضلاء الوقت، إذ حكموا علي هذه الأحاديث بالصحَّة، بمجرد النظر إلى ظاهر الإسناد!. فقد قال ابن أبى حاتم فى ((علل الحديث)) (2/ 49):
باب علل أخبار رويت فى الْعَقِيقَة
(1631): ((سألت أبي عن حديث رواه عبد الوارث عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس: أن النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقَّ عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ. قال أبي: هذا وهم، حدثنا أبو معمر عن عبد الوارث هكذا، ورواه وهيب وابن علية عن أيوب عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل. قال أبي: وهذا مرسل أصح)).
(1632): ((سألت أبي عن حديث رواه المحاربي عن يحيى بن سعيد عن عكرمة عن ابن عباس: أن الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ عَقَّ عَنْهُمَا. قال أبي: هذا خطأ، إنما هو عن عكرمة قوله من حديث يحيى بن سعيد الانصاري. قلت: كذا حدثنا الأشج عن أبي خالد الأحمر عن يحيى عن عكرمة: أنَّ حَسَنَاً وحُسَيْنَاً عَقَّ عَنْهُمَا. قال أبي: لم تصح رواية يحيى بن سعيد عن عكرمة، فانه لايرضى عكرمة؛ كيف يروى عنه؟!)).
(1633): ((سألت أبي عن حديث رواه ابْنُ وَهْبٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قال: عَقَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ بِكَبْشَيْنِ. قال أبي: أخطأ جرير في هذا الحديث، إنما هو قتادة عن عكرمة قال: عَقَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسل)).
فهذا حكم الإمام أبى حاتم الرازى، وبيانه علة الحديثين عن ابن عباس، وأنس بن مالك على وجه الإجمال، وفى ثنايا هذا البيان دقائق تحتاج إلى تفصيلٍ على النحو التالى:
حديث أنس بن مالك
((عَقَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ بِكَبْشَيْنِ)) قال أبو حاتم بن حبان (5309): أخبرنا الحسن بن سفيان حَدَّثَنَا إبراهيم بن المنذر الحزامي حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: عَقَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ بِكَبْشَيْنِ.
وأخرجه كذلك أبو يعلى (2945) عن الحارث بن مسكين، وابن أبى الدنيا ((كتاب العيال)) (47)، والبيهقى ((الكبرى)) (9/ 299) كلاهما عن أحمد بن صالح، والطحاوى ((مشكل الآثار)) (1/ 311) عن يونس بن عبد الأعلى، والطبرانى ((الأوسط)) (1878) عن حرملة بن يحيى، وابن عدى ((الكامل)) (2/ 126) عن إبراهيم بن المنذر والحارث بن مسكين، والضياء ((الأحاديث المختارة)) (7/ 85،84/ 2490،2489،2488) عن الحارث بن مسكين وعثمان بن صالح ويونس بن عبد الأعلى، وابن عساكر ((التاريخ)) (51/ 97) عن أحمد بن سعيد الهمدانى وحرملة بن يحيى، سبعتهم عن ابْنِ وَهْبٍ
¥