تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد رد المانعون على أدلة هؤلاء بأن هذه الأدلة التي احتجوا بها تنقسم إلى قسمين: قسم صريح غير صحيح، وقسم صحيح غير صريح، وتفصيل ذلك فيما يلي:

أولاً: حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه والذي جعلوه نصاً في تحديد العورة لعموم الرجال والنساء.

لا يصح البتة فقد رواه الدارقطني والبيهقي من طريق سعيد بن راشد عن عباد بن كثير عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي أيوب رضي الله عنه، وسعيد بن راشد وعباد بن كثير متروكان، فسقط هذا الحديث.

ثانياً: حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" علموا صبيانكم الصلاة ... " الحديث جاء من طريق الخليل بن مرة عن ليث بن أبي سليم عن عمرو بن شعيب به، ولا يصح، فالخليل ضعيف، وليث مختلط لم يتميز حديثه، فيكفي علة واحدة من هاتين العلتين لرده.

ورواية أبي داود التي جاءت من طريق الأوزاعي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بلفظ:" إذا زوج أحدكم عبده أمته أو أجيره، فلا ينظر إلى عورتها ".

ورواه وكيع عن أبي حمزة الصيرفي داود بن سوار ـ فقلب اسمه ـ عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً بلفظ:" فلا ينظر إلى ما فوق الركبة ودون السرة ".

فإن الرواة عن عمرو بن شعيب قد اضطربوا في هذا الحديث فجاء كما في الروايات السابقة النهي عن النظر إلى عورة الأمة إذا زوجت، وحددت فيما بين السرة والركبة.

وجاءت رواية أخرى من طريق النضر بن شميل عن أبي حمزة الصيرفي وهو سوار بن داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً: " وإذا زوج أحدكم عبده أو أمته أو أجيره، فلا تنظر الأمة إلى شئ من عورته، فإن ما تحت سرته إلى ركبته من العورة " رواه الدارقطني وهي عند البيهقي جميعها في سننه، انظر (2/ 320).

وهذه الرواية فيها تحديد العورة للسيد وهو الرجل بخلاف الرواية الأولى، مما يدل على اضطراب الراوي في ضبط هذه اللفظة ولا سيما الرواية الأخيرة فمدارها على أبي حمزة الصيرفي ومجمل أقوال الأئمة فيه أن فيه ضعفاً، فهذا الاضطراب منه، بل ذكر الدارقطني عنه أنه لا يتابع على رواياته، وقد رواها بواسطة محمد بن جحادة الثقة عن عمرو بن شعيب كما عند البيهقي (3235)، فهذه علة أخرى لروايته هذا الحديث، لذلك قال البيهقي رحمه الله كما في سننه الكبرى (2/ 320) بعد روايته لهذه الألفاظ: [وهذه الرواية إذا قرنت برواية الأزواعي دلنا على أن المراد بالحديث نهي السيد عن النظر إلى عورتها إذا زوجها وأن عورة الأمة ما بين السرة والركبة و سائر طرق هذا الحديث يدل وبعضها ينص على أن المراد به نهي الأمة عن النظر إلى عورة السيد بعد ما زوجت أو نهي الخادم من العبد الأخير عن النظر إلى عورة السيد بعدما بلغنا النكاح فيكون الخبر وارداً في بيان مقدار العورة من الرجل لا في بيان مقدارها من الأمة] أ. هـ كلامه رحمه الله.

وانظر: سنن البيهقي الأحاديث (3237،3236،3235،3234،3233،3224،3223،3219).

كما أن هذا الحديث بألفاظه المختلفة لو صح فيه تحديد عورة الأمة، لا المرأة الحرة. والفرق في الاستتار بين الأمة والحرة لا يخفى، وهذا ثابت بالأدلة الصحيحة من سنته صلى الله عليه وسلم وفعل الصحابة رضي الله عنهم، مع العلم أن بعض أهل الحديث لم يثبت هذه الرواية ولم يعرج عليها في تحديد عورة الرجل.

وينظر كلام الإمام ابن القيم رحمه الله في تهذيب السنن (6/ 18).

ثالثاً: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعاً: " تفتح لكم أرض العجم ... " رواه أبو داود من طريق عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي عن عبد الرحمن بن رافع عن عبد الله بن عمرو به. وهذا لا يصح، ففيه الأفريقي وضعفه أشهر من أن يُعرف، وشيخه عبد الرحمن بن رافع مجهول. ولو صح فليس فيه رخصة إلا لذوات الحاجة من النساء، ولا يلزم من الدخول انكشاف العورات كما هو معلوم.

رابعاً: حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه مرفوعاً: " احذروا بيتاً يقال له الحمام .. " رواه البزار (211 - مختصر زوائده للحافظ ابن حجر) فقال: أخبرنا يوسف بن موسى أخبرنا يعلى بن عبيد أخبرنا سفيان الثوري عن ابن طاووس عن طاووس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنه.

وظاهر هذا الإسناد الصحة ولذلك اغتر به بعض العلماء فصححه، ولكن الصواب فيه أنه مرسل كما رواه جمع من الحفاظ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير