ـ[خليل بن محمد]ــــــــ[18 - 06 - 02, 07:33 م]ـ
نقلاً من الأخ (صلاح)
مقالة الشيخ عبد العزيز الطريفي:
وهذا كلام جميل جدا في بيان منهج المتقدمين والطريقة المثلى في فهمه أنقله من مقدمة شرح الشيخ عبدالعزيز الطريفي لنخبة الفكر لابن حجر الشريط الاول الوجه الاول -مع شيء من الترتيب وحذف المكرر-:
إن المتأمل والناظر لكلام الائمة الحفاظ كشعبة وسفيان وأحمد وابن معين وابن المديني والبخاري ومسلم والدارقطني وابي حاتم وابي زرعة وغيرهم ويقارنها بما عليه أحكام كثير من أهل العلم من المتاخرين وجل أهل العصر بل وما جرى عليه أهل الاصطلاح في بعض التفاصيل يجد الضرورة ملحة ولازمة تماما في وجوب تدوين تلك الطريقة الفذة في النقد والتعليل وتقييدها من جديد، والتنبيه على وجوه الفرق والاختلاف التي نتج بسببها إختلاف واضح جلي في الحكم على كثير من الأحاديث، والحكم على الرواة وترجيح الروايات بعضها على بعض.
وقد أغتر الكثير بإطلاقات كتب الاصطلاح، وما جاء فيها من قواعد وضوابط وظنوها قواعد قطعية ومظطردة في كل مسأله ومن أعظم ما أراه أوقع في ذلك الخلل هو:
عدم النظر بين كلام الائمة الحفاظ وبين منهجهم وطريقتهم في الحكم على الاخبار، ويظهر جليا لكل مطالع أنه ما أوقع المتأخرين بالشذوذ والقول بأقوال لم يقلها أحد ممن تقدم إلا أنهم نظروا لأطلاقاتهم في الاحكام المطلقة على المرسل والمنقطع ورواية المدلس وزيادة الثقة والترجيح عند الاختلاف والاحكام المطلقة على الرواة، وغيرها، نظروا اليها فحسب وتركوا واهملوا طريقتهم التي تبين مرادهم في أقوالهم وتفسر الاشكال الطاريء على فهم المتاخر، وهذه هي عين المشكلة بذاتها، فمن صرح من الائمة برد المرسل لا يعني انه يضعف كل مرسل ومن صرح برد رواية المنقطع لا يعني انه يضعف كل خبر منقطع الاسناد، ومن أوجب النظر والحذر من تدليس الراوي لا يعني انه يضعف حديثا له، وانما اطلاقات الائمة الحفاظ المتقدمين رحمهم الله هي أغلبية وربما يعنون بالاطلاق في النادر القلة والاحوال النادرة.
وهذه لا يعرفها ويحسن التعامل معها الا من تعامل مع عبارات الحفاظ بالنظر لمناهجهم في التعليل والترجيح والرد والقبول، وبدون هذا يقع الخلط والتخبط بل وقع عند المتأخرين حتى تجرأ كثير من المعاصرين على الائمة الحفاظ بتخطأتهم وتوهيمهم وهذا غاية الجهل والبعد عن المنهج الحق والاكتفاء بالتمسك بالقواعد وترك النظر في منهاج الحفاظ وتعاملهم مع الروايات والرواة، حتى تجد منهم من يزعم أنه وجد طريقا لخبر أنكرة أحمد والبخاري ونحوهم، كما تسامح الكثير في باب الشواهد فصححوا حديث طلب العلم فريضة على كل مسلم وحديث التسمية عند الوضوء وحديث لا ضرر ولا ضرار وحديث فضل صاحب الوجه الحسن، وغيرها وصنفت فيها مصنفات لأثبات ذلك وأكثر الأئمة من رأيته تساهل في هذا الجانب من المتأخرين الحافظ السيوطي عليه رحمته الله، ومن تأمل كتبه رأى ذلك واضحا.!.
ومثل هذا يقع في باب الزيادات وقبولها وباب التدلس ورد رواية المدلس وذلك بالاستدلال باطلاقات عبارات من الحفاظ، لا يريدون بها ما يفهمه الكثير، وتوسعوا كثير من المتأخرين في هذه الأبواب حتى صنف الامام الحافظ ابن حجر كتابه طبقات المدلسين وهو من هو رحمه الله إلا أن الحق احق ان يتبع، ومع هذا فإنه رحمه الله في كثير من المواضع لا يعمل بأحكامه في كتابه هذا عند التطبيق هو ايضا، لكن المعاصرين توسعوا في ذلك أكثر وجعلوا ذلك أحكاما قطعيه، حتى ترى من يقف على تصحيح احمد وغيره لحيث فيقول: لا بل فيه فلان وهو مدلس، فقد قال فيه فلان كذا وكذا! وهذا غاية الجرأة على الائمة وتحكيم قواعد مطلقه على تعامل الحفاظ مع الاحاديث والرواة، ولهذا اقول ان قواعد الائمة الحفاظ بحاجه الى أخذها من تطبيقاتهم مع أقوالهم المجملة في الاحكام العامة على الرواة والاخبار فبهذا يسلم المنهج ويتضح الطريق.
ومن المهم هنا قوله أن كثر من أهل الكلام من أهل الاصول قد قعدوا قواعد أخذها أهل الاصطلاح منهم هي ليست من كلام الحفاظ في شيء كإطلاق قبول زيادة الثقة او ردها او اطلاق الجرح مقدم على التعديل والجرح لا يقبل الا مفسرا وغيرها مما اخذ حتى أشتهر ولزم الاذهان وهو بعيد كل البعد عن الصواب باطلاقه هذا.
وقد جرأت هذه الاطلاقات وهذه القواعد المأخوذه من كتب الاصطلاح والاصول كثير من المتأخرين وخاصة أهل العصر على أئمة الحديث، بالتخطأة تارة وبالتوهيم وبالترجيح عليهم! والله المستعان على هذا كله.
,وأسلم طريقة لمعرفة منهج الأئمة الحفاظ هي بأمرين:
1 - بالنظر الى كلامهم على الأحاديث في كتب العلل وغيرها، ومحاولة تقعيد كلامهم وضبطة، والنظر في كتب العلل يحتاج الى معرفة طريقة ذلك الامام في تعليله وحكمه على الرواة، فيجع مثلا كلام الدارقطني على الحديث في علله مع كلامه عليه ان وجد في سننه مع كلامه على رواة ذلك الخبر جرحا وتعديلا وبه تعرف طريقته.
2 - بالنظر الى تقعيدات الأئمة المحققين من المتأخرين وما دونوه في كلامهم عن مناهج الائمة الحفاظ أمثال تقعيدات الحافظ ابن رجب وابن القيم ولذهبي والمعلمي وغيرهم.
والنظر في كتب الاصطلاح مع عدم التعويل على ما ذكرناه يوقع في المحذور الذي وقع فيه أكثر المتأخرين.
¥