حديث أبي هريرة:
رواه ابن بطة، ومن طريقه ابن الجوزي (1/ 273) من طريق محمد بن يزيد العابد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعا مثله مع زيادة.
وأعله ابن الجوزي بجهالة ابن يزيد، وقال الذهبي إن خبره موضوع، وهو آفَتُه (الميزان 4/ 68)، وقال إن حديثه كذب. (المغني 2/ 644)
ولكن جاء أحد الكذابين فوضع له إسنادا نظيفا!
فرواه ابن عساكر (59/ 88) من طريق إسحاق بن محمد السوسي، نا محمد بن الحسن، نا ابن ديزيل، نا آدم بن أبي إياس، عن شعبة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعا، وفيه زيادات باطلة.
قال ابن حجر في ترجمة إسحاق من اللسان (1/ 374): "ذاك الجاهل الذي أتى بالموضوعات السمجة في فضائل معاوية، رواها عبيد الله بن محمد بن أحمد السقطي عنه، فهو المتهم بها، أو شيوخُه المجهولون".
وقال الذهبي في ترجمة شيخه في الميزان (3/ 516): "روى عنه محمد بن إسحاق السوسي أحاديث مختلَقة في فضل معاوية، ولعله النقاش صاحب التفسير، فإنه كذاب، أو هو آخر من الدجاجلة".
قلت: فالحديث باطل من طريقَيه عن أبي هريرة.
الطرق المرسلة:
رواه الإمام أحمد في فضائل الصحابة (2/ 913) بسند صحيح عن شُريح بن عُبيد مرسلا.
وقال الألباني: "وهذا إسناد شامي مرسل صحيح، رجاله ثقات".
ورواه الحسن بن عرفة في جزئه (66) ومن طريقه ابن عساكر (59/ 79) بسند صحيح عن حَرِيز بن عثمان الرَّحَبي مرسلا.
وقال الألباني: "وهذا أيضا إسناد شامي مرسل صحيح".
ورواه ابن عساكر (59/ 85) بسند صحيح عن يُونُس بن مَيْسَرة بن حَلْبَس مرسلا.
ورواه ابن عساكر (59/ 79) من طريق الزُّهري مرسلا.
وفي سنده أبان بن عَنْبَسة القرشي: ذكره ابن أبي حاتم (2/ 300) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
ورواه البلاذري في أنساب الأشراف (4/ 145 العظم) وابن عساكر (59/ 79) من طريق شَبَابة بن سَوَّار، ثنا يوسُف بن زياد التَّيْمي، عن محمد بن شُعيب، عن عُروة بن رُوَيْم اللَّخْمي مرسلا.
ورجاله ثقات، إلا أن يوسف التيمي لم أتبيّنه الآن.
ورواه ابن بطة ومن طريقه الخطيب في تلخيص المتشابه (1/ 405) من طريق داود بن المحبر، نا الحسن بن أبي جعفر العتكي، عن ليث، عن مجاهد مرسلا محل الشاهد.
وسنده موضوع.
خلاصة الحكم على الحديث:
جاء الحديث من مُسند العِرباض بن سَارِيَة، والحارث بن زياد، وعبد الرحمن بن أبي عَمِيرة، وابن عباس، ومَسْلَمة بن مُخَلَّد، وأبي هريرة، ومن مراسيل شُريح بن عُبيد، ويونُس بن مَيسرة بن حَلْبَس، وحَريز الرَّحَبي، والزهري، وعقبة بن رويم، ومجاهد.
وتبيّن أن جميع الطرق المرفوعة إما أنها ترجع لحديث العرباض (طريق الحارث بن زياد، وابن أبي عَميرة)، أو أنها لا تدخل في الاعتبار أصلا (حديث ابن عباس، وحديث أبي هريرة، وحديث مسلمة عَلَى الأقرب).
وتبيّن أن حديث معاوية مرفوعا سندُه مُقاربٌ بذاته، وثبّته أكثرُ مَن تكلَّم على الحديثِ مِنَ الحفّاظ فيما وَقَفْت.
وتبيّن أن مراسيل شُريح، ويونُس، وحَريز صحيحةٌ إلى أصحابها، فهي تشهد للمرفوع إن شاء الله، وبذلك تطمئن النفس لتقوية الحديث.
هذا ما انتهى إليه بحثي، والله تعالى أعلم بالصواب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
محمد زياد بن عمر التكلة، الرياض 14/ 11/1425
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[26 - 12 - 04, 04:43 م]ـ
جزاك الله خيراً،
وأنا أقول: " اللهم علِّم الشيخ محمد الكتابَ والحِساب، وقِهِ العذاب".
ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[26 - 12 - 04, 04:49 م]ـ
يغفر الله لك أخي المحب .. وإياك، جعلنا الله معا يوم القيامة إخوانا على سرر متقابلين
وهنا تخريج صنو هذا الحديث في معاوية: "اللهم اجعله هاديا مهديا، واهده واهد به" http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=25048
وهنا بيان بُطلان القصة التي اعتمد عليها أحمد الغماري في اتهام الصحابي الجليل معاوية بشرب الخمر والعياذ بالله: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=124241#post124241