تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما ابن صاعد وابن جرير فلم أجد لهما كلاماً غير قول الأول: ((كفانا ما قال أبوه فيه)) وقد تقدم. وقول الثاني لما قيل له: إن ابن أبي داود يقرأ على الناس فضائل علي بن أبي طالب: ((تكبيرة من حارس)) وهذا ليس بجرح إنما مقصوده أنه كما أن الحارس قد يقول رافعاً صوته: الله أكبر، لا ينوي ذكر الله عز وجل وإنما يقصد أن يسمع السراق صوته فيعرفوا أنه موجود يقظان فلا يقدموا على السرقة، فكذلك قد يكون بن أبي داود يروي فضائل علي ليدفع عن نفسه ما رماه بعض الناس من النصب وهو بغض علي رضي الله عنه. وقد قال الذهبي في (التذكرة): ((لا ينبغي سماع قول ابن صاعد فيه، كما لم يعتد تكذيبه لابن صاعد، وكذا لا يسمع قول ابن جرير فيه، فإن هؤلاء بينهم عداوة بينة)).

أقول وقد قدمت تحقيق هذا البحث في القواعد.

وأما ابن الأصبهاني، فقال ابن عدي: ((سمعت موسى بن القاسم الأشيب يقول: حدثني أبو بكر سمعت إبراهيم الأصبهاني يقول: أبو بكر بن أبي داود كذاب، أبو بكر شيخ الأشيب يحتمل أ، يكون هو ابن أبي الدنيا لأنه ممن يروي عن إبراهيم وممن يروي عنه الأشيب، ويحتمل أن يكون غيره لأن أصحاب هذه الكنية في ذاك العصر ببغداد كثيرون ولم يشتهر ابن أبي الدنيا بهذه الكنية بحيث إذا ذكرت وحدها في تلك الطبقة ظهر أنه المراد، فعلى هذا لا يتبين ثبوت هذه الكلمة عن ابن الأصبهاني. وابن أبي داود إن كان سنة عند وفاة الأصبهاني سنة 266 فوق الثلاثين فلم يكن قد تصدى للرواية في زمانه. قال الخطيب: ((أخبرنا أبو منصور محمد بن عيسى الهمذاني حدثنا أبو الفضل صالح بن أحمد الحافظ قال: أبو بكر عبد الله بن سليمان إمام أهل العراق وعلم العلم في الأمصار نصب السلطان المنبر فحدث عليه لفظه ومعرفته، وحدث قديماً قبل التسعين ومائتين، قدم همذان سنة نيف وثمانين ومائتين وكتب عنه عامة مشايخ بلدنا ذلك الوقت وكان في وقته بالعراق مشايخ أسند منه ولم يبلغوا في الآلة والإتقان ما بلغ هو)). بلى كان يذاكر وربما يتعرض لأكابر الحفاظ يذاكرهم فيتفق أن يكون عنده حديث ليس عندهم فتعجبه نفسه ويتكلم بما يعد جرأة منه وسوء ادب فيغضبهم كما فعل مع أبي زرعة. قال ((قلت لأبي زرعة ((ألق عليَّ حديثاً غريباً من حديث مالك. فألقى عليَّ حديث وهب بن كيسان عن أسماء: لا تحصي فيحصى عليك. رواه لي عن عبد الرحمن بن شيبة – وهو ضعيف. فقلت له:يجب أن تكتبه عني عن أحمد بن صالح عن عبد الله بن نافع بن مالك. فغضب وشكاني إلى بي وقال: انظر إلى م يقول لي أبو بكر)) هكذا في (تهذيب تاريخ ابن عساكر) وغيره. فلعله كان يتعرض بمثل هذا لابن الأصبهاني، فاتفق أن وهم ولجّ فقال ابن الأصبهاني ما قال، إن صحت الحكاية عنه.

فأما بعد أن تصدى للحديث فإن الناس أكثروا السماع منه وكان كثير من الحفاظ يعادونه ويتعطشون إلى أن يقفوا له على زلة في الرواية فلم يظفروا بشيء، ولم ينكر أحد عليه حديثاً واحداً، وكانوا كلما استغربوا شيئاً من حديثه أبرز أصله بسماعه من أبيه وهو القائل:

إذا تشاجر أهل العلم في خبر

فليطلب البعض من بعض أصولهم

إخراجك الأصل فعل الصادقين فإن

لم تخرج الأصل لم تسلك سبيلهم

فاصدع بعلم ولا تردد نصيحتهم

وأظهر أصولك إن الفرع متهم

وأما النصب فقال ابن عدي على ما في (تذكرة الحفاظ): ((نسب في الابتداء إلى شيء من النصب ونفاه ابن الفرات من بغداد إلى واسط ثم رده علي بن عيسى فحدث وأظهر فضائل علي ثم تحنبل فصار شيخاً منهم، وهو مقبول عند أصحاب الحديث)) ولم يتحقق من الذي نسبه إلى النصب وما حجته في ذلك، وكان الرجل شكس الأخلاق تياهاً وله أعداء. فإن كان شيء فقد تاب وأناب، قال أحمد يوسف الأزرق: ((سمعت أبا بكر بن أبي داود غير مرة يقول: كل من بيني وبينه شيء – أو قال: كل من ذكرني بشيء – فهو في حل إلا من رماني ببغض علي بن أبي طالب)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير